فصل في سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف إعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر - فيما حفظ من أحواله - إلى الطائف مرتين، مرة قبل الهجرة، ومرة بعد الهجرة، فأما التي قبل الهجرة، فإنه خرج بعد موت عمه أبي طالب، وبعد موت زوجته خديجة بنت خويلد، بثلاثة أشهر، ومعه زيد بن حارثة، في شوال سنة عشر من المبعث - في قول الواقدي - ليدعو ثقيفا إلى نصرته، فأقام بالطائف عشرة أيام، وقيل:
شهرا.
قال ابن إسحاق: ولما هلك أبو طالب، نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى، ما لم تكن تناله منه في حياة عمه أبي طالب، فخرج إلى الطائف يلتمس من ثقيف النصرة والمنعة بهم من قومه، ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله [عز وجل] فخرج إليهم وحده.
قال: فحدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، عهد إلى نفر من ثقيف، هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم، وهم إخوة ثلاثة: عبد يا ليل بن عمرو بن عمير، ومسعود ابن عمرو بن عمير، وحبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة [بن] غيرة بن عوف بن ثقيف، وعند أحدهم امرأة من قريش، من بني جمح، فجلس إليهم [رسول الله صلى الله عليه وسلم] (1)، فدعاهم إلى الله، وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه.
فقال أحدهم - وهو يمرط (2) ثياب الكعبة -: إن كان الله أرسلك! وقال