إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٨ - الصفحة ٢١٤
فصل جامع في ذكر حديث الإسراء والمعراج [فقد] روى من حديث أنس، فتارة يرويه أنس عن مالك بن صعصعة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتارة يرويه عن أبي [ذر] عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتارة يرويه دون ذكرهما.
فأما رواية حديث الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم فخرج مسلم من حديث حماد بن سلمة، [قال] حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله [تعالى] عنه [قال]: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أتيت بالبراق، وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافرة عند منتهى طرفه، فركبته حتى أتيت بيت المقدس، [قال:] فربطته بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت، فجاءني جبريل عليه السلام، بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل عليه السلام: اخترت الفطرة (1).

(١) (البراق) بضم الباء الموحدة، قال أهل اللغة: البراق اسم الدابة التي ركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء. قال الزبيدي في (مختصر العين)، وصاحب (التحرير): هي دابة كانت الأنبياء صلوات الله وسلام عليهم يركبونها. وهذا الذي قالاه من اشتراك جميع الأنبياء فيها، يحتاج إلى نقل صحيح.
قال ابن دريد: اشتقاق البراق من البرق إن شاء الله تعالى، يعني لسرعته، وقيل: سمي بذلك لشدة صفائه، وتلألئه، وبريقه، وقيل: لكونه أبيض.
وقال القاضي: يحتمل أنه سمي بذلك لكونه ذا لونين، يقال: شاه برقاء إذا كان في خلال صوفها الأبيض طاقات سود. قال: ووصف في الحديث بأنه أبيض، وقد يكون من نوع الشاة البرقاء، وهي معدودة في البيض، والله تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي): ٢ / ٥٦٩، كتاب الإيمان، باب (74) الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات، حديث رقم (259).
قوله صلى الله عليه وسلم: (فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط به الأنبياء صلوات الله عليهم) أما بيت المقدس ففيه لغتان مشهورتان غاية الشهرة: إحداهما: بفتح الميم وإسكان القاف وكسر الدال المخفقة، والثانية: بضم الميم وفتح القاف والدال المشددة.
قال الواحدي: أما من شدده فمعناه المطهر، وأما من خففه فقال أبو علي الفارسي: لا يخلو إما أن يكون مصدرا، أو مكانا، فإن كان مصدرا كان كقوله تعالى: (إليه مرجعكم) ونحوه من المصادر، وإن كان مكانا فمعناه بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة، أو بيت مكان الطهارة وتطهيره: إخلاؤه من الأصنام، وإبعاده منها. وقال الزجاج: البيت المقدس المطهر، وبيت المقدس أي المكان الذي يطهر فيه من الذنوب. (المرجع السابق).
قوله: صلى الله عليه وسلم: (فربطته بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء) الحلقة بإسكان اللام على اللغة الفصيحة المشهورة. وحكى الجوهري وغيره فتح اللام أيضا.
قال الجوهري: حكى يونس عن أبي عمرو بن العلاء حلقة بالفتح، وجمعها حلق وحلقات. وأما على لغة الإسكان فجمعها حلق وحلق بفتح الحاء وكسرها، والمراد حلقة باب مسجد بيت المقدس والله أعلم. وفي ربط البراق الأخذ بالاحتياط في الأمور وتعاطي الأسباب، وأن ذلك لا يقدح في التوكل، إذ كان الاعتماد على الله تعالى. (المرجع السابق).
قوله: (اخترت الفطرة) فسروا الفطرة هنا بالإسلام والاستقامة، ومعناه والله تعالى أعلم: اخترت علامة الإسلام، والاستقامة، وجعل اللبن علامة لكونه سهلا، طيبا، طاهرا، سائغا للشاربين، سليم العاقبة. أما الخمر فإنها أم الخبائث، وجالبة لأنواع من الشر في الحال والمآل. والله تعالى أعلم.
(المرجع السابق).
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ليس فيما حرم شفاء 3
2 السعوط 4
3 ذات لجنب 6
4 الكحل 9
5 الحبة السوداء 12
6 السنا 14
7 التلبينة والحساء 16
8 اغتسال المريض 19
9 اجتناب المجذوم 24
10 وأما عرق النسا 31
11 وأما كثرة أمراضه صلى الله عليه وسلم 34
12 الحناء 35
13 الذريرة 38
14 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سحر 40
15 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سم 45
16 وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى 48
17 وأما أنه صلى الله عليه وسلم احتجم 56
18 وأما الكي والسعوط 62
19 وأما الحناء 64
20 وأما السفرجل 64
21 فصل في ذكر حركات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكونه 66
22 وأما عمله صلى الله عليه وسلم في بيته 66
23 وأما ما يقوله إذا دخل بيته صلى الله عليه وسلم 67
24 وأما ما يقوله إذا خرج من بيته صلى الله عليه وسلم 68
25 وأما مشيه صلى الله عليه وسلم 72
26 وأما نومه صلى الله عليه وسلم 80
27 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ 89
28 وأما أن قلبه صلى الله عليه وسلم لا ينام 90
29 وأما مناماته عليه السلام 92
30 فصل في ذكر صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة 139
31 ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن العوم في الماء صلى الله عليه وسلم 143
32 ذكر شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعث 145
33 فصل في ذكر سفره صلى الله عليه وسلم 150
34 أما يوم سفره صلى الله عليه وسلم 150
35 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا 153
36 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا علا على شئ 158
37 وأما كيف سيره صلى الله عليه وسلم 161
38 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم ويعمله إذا نزل منزلا 163
39 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم في السحر 164
40 ذكر ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية 165
41 ذكر تنفله صلى الله عليه وسلم على الراحلة 166
42 وأما ما يقول إذا رجع من سفره صلى الله عليه وسلم 167
43 وأما ما يصنع إذا قدم من سفر صلى الله عليه وسلم 169
44 وأما كونه لا يطرق أهله ليلا 171
45 فصل في الأماكن التي حلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى الرحلة النبوية 174
46 وأما سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه 174
47 وأما سفره صلى الله عليه وسلم في تجارة خديجة رضى الله تعالى عنها 186
48 وأما الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته الآيات ربه الكبرى 190
49 فصل جامع في ذكر حديث الإسراء والمعراج 214
50 فأما رواية حديث الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم 214
51 فصل جامع في معراج النبي صلى الله عليه وسلم 283
52 فصل في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل ليلة الإسراء 302
53 فصل في سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف 305
54 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عكاظ، ومجنة وذى المجاز 309
55 فصل في ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 316
56 فصل في ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم 330
57 غزوة الأبواء 332
58 غزوة بواط 334
59 غزوة بدر الأولى 336
60 غزوة ذي العشيرة 337
61 غزوة بدر الكبرى 339
62 غزوة بني قينقاع 346
63 غزوة السويق 348
64 غزوة قراره الكدر 350
65 غزوة ذي أمر، وهي غزوة غطفان 352
66 غزوة نجران 354
67 غزوة أحد 355
68 غزوة حمراء الأسد 357
69 غزوة بني النضير 359
70 غزوة بدر الموعد 362
71 غزوة ذات الرقاع 363
72 غزوة دومة الجندل 367
73 غزوة المريسيع 369
74 غزوة الخندق 372
75 غزوة بني قريظة 376
76 غزوة بني لحيان 379
77 غزوة الغابة 380
78 غزوة خيبر 382
79 عزوة الفتح 384
80 غزوة حنين 388
81 غزوة تبوك 391