إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٨ - الصفحة ١٨٧
الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي (1)، ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلا إلى مكة، ومعه ميسرة، وكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرة واشتد الحر، يرى ملكين يظلانه من الشمس، وهو يسير على بعيره، فلما قدم مكة على خديجة بمالها، باعت ما جاء به فأضعفت أو قريبا، وحدثها ميسرة عن قول الراهب، وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه.
وكانت خديجة امرأة حازمة، شريفة لبيبة، مع ما أراد الله [تعالى] بها من كرامته، فلما أخبرها ميسرة عما أخبرها به، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: فيما يزعمون يا ابن عم؟ إني قد رغبت لقرابتك مني، وشرفك في قومك، ووسيطتك فيهم، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها، وكانت خديجة يومئذ أوسط قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، وكل قومها قد كان حريصا على ذلك منها، لو يقدر على ذلك (2).

(1) قول الراهب: (ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي)، قال السهيلي: (يريد ما نزل تحتها هذه الساعة قط إلا نبي، لبعد العهد بالأنبياء قبل ذلك... والشجرة لا تعمر في العادة هذا العمر الطويل، حتى يدرى أنه لم ينزل تحتها إلا عيسى صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء).
(2) (دلائل النبوة للبيهقي): 2 / 66 - 67، (سيرة ابن هشام): 2 / 6 - 8، ثم قال في هامشه:
(قول خديجة رضي الله عنها: لسطتك - أو وسيطتك - في عشيرتك) وقوله في وصفها: (هي أوسط قريش نسبا) فالسطة: من الوسط، مصدر، كالعدة والزنة، والوسط من أوصاف المدح، والتفضيل، ولكن في مقامين: في ذكر النسب، وفي ذكر الشهادة.
أما النسب، فلأن أوسط القبيلة أعرفها، وأولادها بالصميم، وأبعدها عن الأطراف، وأجدر أن لا تضاف إليه الدعوة، لأن الآباء والأمهات قد أحاطوا به من كل جانب، فكان الوسط من أجل هذا مدحا في النسب بهذا السبب.
وأما الشهادة، فنحو قوله سبحانه: (قال أوسطهم)، و قوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس)، فكان هذا مدحا في الشهادة، لأنها غاية العدالة في الشاهد أن يكون وسطا كالميزان، لا يميل مع أحد، بل يصمم على الحق تصميما، لا يجذبه هوى، ولا تميل به رغبة ولا رهبة، من ها هنا، ولا من ها هنا، فكان وصفه بالوسط غاية في التزكية والتعديل.
وظن كثير من الناس أن معنى الأوسط: الأفضل على الإطلاق، وقالوا: معنى الصلاة الوسطى:
الفضلى، وليس كذلك، بل هو في جميع الأوصاف لا مدح ولا ذم كما يقتضي لفظ التوسط.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ليس فيما حرم شفاء 3
2 السعوط 4
3 ذات لجنب 6
4 الكحل 9
5 الحبة السوداء 12
6 السنا 14
7 التلبينة والحساء 16
8 اغتسال المريض 19
9 اجتناب المجذوم 24
10 وأما عرق النسا 31
11 وأما كثرة أمراضه صلى الله عليه وسلم 34
12 الحناء 35
13 الذريرة 38
14 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سحر 40
15 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سم 45
16 وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى 48
17 وأما أنه صلى الله عليه وسلم احتجم 56
18 وأما الكي والسعوط 62
19 وأما الحناء 64
20 وأما السفرجل 64
21 فصل في ذكر حركات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكونه 66
22 وأما عمله صلى الله عليه وسلم في بيته 66
23 وأما ما يقوله إذا دخل بيته صلى الله عليه وسلم 67
24 وأما ما يقوله إذا خرج من بيته صلى الله عليه وسلم 68
25 وأما مشيه صلى الله عليه وسلم 72
26 وأما نومه صلى الله عليه وسلم 80
27 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ 89
28 وأما أن قلبه صلى الله عليه وسلم لا ينام 90
29 وأما مناماته عليه السلام 92
30 فصل في ذكر صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة 139
31 ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن العوم في الماء صلى الله عليه وسلم 143
32 ذكر شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعث 145
33 فصل في ذكر سفره صلى الله عليه وسلم 150
34 أما يوم سفره صلى الله عليه وسلم 150
35 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا 153
36 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا علا على شئ 158
37 وأما كيف سيره صلى الله عليه وسلم 161
38 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم ويعمله إذا نزل منزلا 163
39 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم في السحر 164
40 ذكر ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية 165
41 ذكر تنفله صلى الله عليه وسلم على الراحلة 166
42 وأما ما يقول إذا رجع من سفره صلى الله عليه وسلم 167
43 وأما ما يصنع إذا قدم من سفر صلى الله عليه وسلم 169
44 وأما كونه لا يطرق أهله ليلا 171
45 فصل في الأماكن التي حلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى الرحلة النبوية 174
46 وأما سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه 174
47 وأما سفره صلى الله عليه وسلم في تجارة خديجة رضى الله تعالى عنها 186
48 وأما الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته الآيات ربه الكبرى 190
49 فصل جامع في ذكر حديث الإسراء والمعراج 214
50 فأما رواية حديث الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم 214
51 فصل جامع في معراج النبي صلى الله عليه وسلم 283
52 فصل في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل ليلة الإسراء 302
53 فصل في سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف 305
54 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عكاظ، ومجنة وذى المجاز 309
55 فصل في ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 316
56 فصل في ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم 330
57 غزوة الأبواء 332
58 غزوة بواط 334
59 غزوة بدر الأولى 336
60 غزوة ذي العشيرة 337
61 غزوة بدر الكبرى 339
62 غزوة بني قينقاع 346
63 غزوة السويق 348
64 غزوة قراره الكدر 350
65 غزوة ذي أمر، وهي غزوة غطفان 352
66 غزوة نجران 354
67 غزوة أحد 355
68 غزوة حمراء الأسد 357
69 غزوة بني النضير 359
70 غزوة بدر الموعد 362
71 غزوة ذات الرقاع 363
72 غزوة دومة الجندل 367
73 غزوة المريسيع 369
74 غزوة الخندق 372
75 غزوة بني قريظة 376
76 غزوة بني لحيان 379
77 غزوة الغابة 380
78 غزوة خيبر 382
79 عزوة الفتح 384
80 غزوة حنين 388
81 غزوة تبوك 391