ابن ثمان عشرة، والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة، فكيف يكون معه في هذه السفرة وهو لم يصحبه إلا بعدها بنحو إحدى عشرة سنة؟] (1).
وقال يونس بن بكير [رحمه الله]: قال محمد بن إسحاق: وكان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جده وكان معه، ثم إن أبا طالب خرج في ركب إلى الشام تاجرا، فلما تهيأ للرحيل، وأجمع السير، صب له (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بزمام ناقته، وقال: يا عم! إلى من تكلني؟ لا أب لي ولا أم لي، فرق له أبو طالب وقال: والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدا... أو كما قال.
فخرج به معه، فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام (3)، وبها راهب يقال له: بحيرا، في صومعة له، وكان أعلم أهل النصرانية، ولم يزل في تلك الصومعة راهب بصير، وكان علمهم عن كتاب فيه فيما يزعمون، يتوارثونه كابرا عن كابر.
فلما نزلوا ببحيرا ذلك العام، وكانوا كثيرا ما يمرون به قبل ذلك فلا يكلمهم ولا يعرض لهم، حتى إذا كان ذلك العام، نزلوا به قريبا من صومعته في الركب حين أقبلوا، وغمامة بيضاء تظله من بين القوم، ثم أقبلوا حتى نزلوا بظل شجرة قريبا منه، فنظر إلى الغمامة، حتى أظلت