إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٨ - الصفحة ١٩٣
والمراد بعبده: محمد صلى الله عليه وسلم، وليلا: [أي] في جوف الليل، وقيل: في بعض الليل، لا في كله، وقيل: أي ذهب بعبده في سراة الأرض، أي متسعها (1).
والمسجد الحرام، قيل: المراد به نفس الكعبة، وقيل: نفس المسجد الذي فيه الكعبة، وفيه يقع الطواف والصلاة إليها، وقيل: نفس مكة، وقيل:
جميع الحرم، وقد أطلق لفظ المسجد الحرام بهذه الاعتبارات الأربعة، على الموضع الذي [أسرى منه بالنبي عليه الصلاة والسلام] (2).

(١) و (عبد) المضاف إلى ضمير الجلالة هنا هو محمد صلى الله عليه وسلم، كما هو مصطلح القرآن، فإنه لم يقع فيه لفظ العبد مضافا إلى ضمير الغيبة الراجع إلى الله تعالى، إلا مرادا به النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن خبر الإسراء به إلى بيت المقدس قد شاع بين المسلمين، وشاع إنكاره بين المشركين، فصار المراد (بعبده) معلوما.
والإضافة إضافة تشريف لا إضافة تعريف، لأن وصف العبودية لله متحقق لسائر المخلوقات، فلا تفيد إضافته تعريفا. (المرجع السابق).
(٢) ذكر الماوردي في (الحاوي) في كتاب الجزية، أن كل موضوع ذكر الله فيه المسجد الحرام، فالمراد به:
الحرم، إلا في قوله تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام) فإنه أراد به الكعبة.
وأما ابن أبي الصيف اليمني فقال بعد ذكر المواضع الخمسة عشر [التي ذكر الله تعالى فيها اسم (المسجد الحرام) في القرآن الكريم]: منها ما أراد الله به الكعبة، كقوله تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام) [البقرة: ١٤٤]، ومنها ما أراد به مكة كقوله تعالى: (سبحانه الذي أسرى بعبده) [الإسراء: ١]، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم أسرى به من بيت أم هانئ بنت أبي طالب.
ومنها ما أراد به الحرم، كقوله تعالى: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام) [التوبة:
٢٨]. قال: وقد روى النسائي في سننه، من حديث ميمونة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الكعبة.
وروي أيضا من حديث أبي هريرة: إلا الكعبة. وفي رواية ابن ماجة: وصلاته بمكة بمائة ألف. مع ذكر المساجد يظهر أنه أراد مسجد مكة، والمصلي فيه مصل بمكة. [فإنه قال في الحديث الذي أخرجه جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل مائة ألف صلاة فيما سواه]. رواه ابن ماجة.
قال: والإنصاف إن الكل داخل في الاسم المذكور في القرآن، إلا أن الإطلاق إنما ينصرف إلى المسجد الذي قدر به الطواف، ولهذا ورد: كنا في المسجد الحرام، وخرجنا من المسجد الحرام، واعتكفنا في المسجد الحرام، وبتنا فيه، ولا شك أن مساجد الحرم متعددة، واختص هو من بينها بالمسجد الحرام في العرف.
وقد ذكر الأزرقي في (أخبار مكة): عن جده، عن مسلم بن خالد، عن محمد بن الحارث، عن سفيان، عن علي الأزدي، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: إنا لنجد في كتاب الله عز وجل أن حد المسجد الحرام من الحزورة إلى المسعى.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: أساس المسجد الذي وضعه إبراهيم عليه السلام من الحزورة إلى المسعى إلى مخرج سيل أجياد. [الحزورة: موضع بمكة يلي البيت، وهو بفتح الحاء وسكون الزاي، والمحدثون يقولونه بتشديد الواو، وهو تصحيف، وأجياد: موضع من بطحاء مكة] (معجم ما استعجم للبكري)، (إعلام الساجد بأحكام المساجد): 60 - 61.
فالمسجد الحرام هو المكان المعد للسجود، أي الصلاة، وهو الكعبة والفناء المجعول حرما لها، وهو يختلف سعة وضيقا باختلاف العصور من كثرة الناس فيه للطواف، والاعتكاف، والصلاة.
والحرام: فعال بمعنى مفعول، كقولهم: امرأة حصان، أي ممنوعة بعفافها عن الناس. (تفسير التحرير والتنوير): 15 / 13.
ومن ذلك ما قاله حسان بن ثابت رضي الله عنه معتذرا عن خوضه مع الذين خاضوا في حديث الإفك، فقال مخاطبا لأم المؤمنين، المبرأة، أم عبد الله عائشة رضي الله عنها:
حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل عقيلة حي من لؤي بن غالب * كرام المساعي مجدهم غير زائل (ديوان حسان بن ثابت): 228.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ليس فيما حرم شفاء 3
2 السعوط 4
3 ذات لجنب 6
4 الكحل 9
5 الحبة السوداء 12
6 السنا 14
7 التلبينة والحساء 16
8 اغتسال المريض 19
9 اجتناب المجذوم 24
10 وأما عرق النسا 31
11 وأما كثرة أمراضه صلى الله عليه وسلم 34
12 الحناء 35
13 الذريرة 38
14 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سحر 40
15 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سم 45
16 وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى 48
17 وأما أنه صلى الله عليه وسلم احتجم 56
18 وأما الكي والسعوط 62
19 وأما الحناء 64
20 وأما السفرجل 64
21 فصل في ذكر حركات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكونه 66
22 وأما عمله صلى الله عليه وسلم في بيته 66
23 وأما ما يقوله إذا دخل بيته صلى الله عليه وسلم 67
24 وأما ما يقوله إذا خرج من بيته صلى الله عليه وسلم 68
25 وأما مشيه صلى الله عليه وسلم 72
26 وأما نومه صلى الله عليه وسلم 80
27 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ 89
28 وأما أن قلبه صلى الله عليه وسلم لا ينام 90
29 وأما مناماته عليه السلام 92
30 فصل في ذكر صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة 139
31 ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن العوم في الماء صلى الله عليه وسلم 143
32 ذكر شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعث 145
33 فصل في ذكر سفره صلى الله عليه وسلم 150
34 أما يوم سفره صلى الله عليه وسلم 150
35 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا 153
36 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا علا على شئ 158
37 وأما كيف سيره صلى الله عليه وسلم 161
38 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم ويعمله إذا نزل منزلا 163
39 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم في السحر 164
40 ذكر ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية 165
41 ذكر تنفله صلى الله عليه وسلم على الراحلة 166
42 وأما ما يقول إذا رجع من سفره صلى الله عليه وسلم 167
43 وأما ما يصنع إذا قدم من سفر صلى الله عليه وسلم 169
44 وأما كونه لا يطرق أهله ليلا 171
45 فصل في الأماكن التي حلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى الرحلة النبوية 174
46 وأما سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه 174
47 وأما سفره صلى الله عليه وسلم في تجارة خديجة رضى الله تعالى عنها 186
48 وأما الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته الآيات ربه الكبرى 190
49 فصل جامع في ذكر حديث الإسراء والمعراج 214
50 فأما رواية حديث الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم 214
51 فصل جامع في معراج النبي صلى الله عليه وسلم 283
52 فصل في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل ليلة الإسراء 302
53 فصل في سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف 305
54 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عكاظ، ومجنة وذى المجاز 309
55 فصل في ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 316
56 فصل في ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم 330
57 غزوة الأبواء 332
58 غزوة بواط 334
59 غزوة بدر الأولى 336
60 غزوة ذي العشيرة 337
61 غزوة بدر الكبرى 339
62 غزوة بني قينقاع 346
63 غزوة السويق 348
64 غزوة قراره الكدر 350
65 غزوة ذي أمر، وهي غزوة غطفان 352
66 غزوة نجران 354
67 غزوة أحد 355
68 غزوة حمراء الأسد 357
69 غزوة بني النضير 359
70 غزوة بدر الموعد 362
71 غزوة ذات الرقاع 363
72 غزوة دومة الجندل 367
73 غزوة المريسيع 369
74 غزوة الخندق 372
75 غزوة بني قريظة 376
76 غزوة بني لحيان 379
77 غزوة الغابة 380
78 غزوة خيبر 382
79 عزوة الفتح 384
80 غزوة حنين 388
81 غزوة تبوك 391