إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٨ - الصفحة ١١٤
وخرج الحاكم من حديث معتمر بن سليمان، حدثنا عبيد الله بن عمر، أنه سمع أبا بكر بن سالم يحدث عن أبيه، عن ابن عمر [رضي الله عنهما]، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني رأيت في النوم أنى أعطيت عسا مملوءا لبنا، فشربت منه حتى تملأت، حتى رأيته في عرق بين الجلد واللحم، ففضلت فضلة، فأعطيتها عمر بن الخطاب [رضي الله عنه]؟
فقال: أصبتم. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (1).
ولم يخرجاه (2).
وخرجا من حديث يونس عن ابن شهاب، أن [سعيد] بن المسيب أخبره أنه سمع أبا هريرة [رضي الله عنه] يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
بينا أنا نائم، رأيتني على قليب عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله [تعالى]، ثم أخذها ابن أبي قحافة [رضي الله عنه]، فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله [تعالى] يغفر له ضعفه، ثم استحالت غربا، فأخذها ابن الخطاب [رضي الله عنه]، فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر [رضي الله عنه]، [حتى] ضرب الناس بعطن. لفظهما فيه متقارب.
أورده البخاري في مناقب أبي بكر رضي الله عنه (3)، وأورده في كتاب

(١) (المستدرك): ٣ / ٩٢، كتاب معرفة الصحابة، حديث رقم (٤٤٩٦). قال الحافظ الذهبي في (التلخيص): على شرط البخاري ومسلم.
(٢) زيادة للسياق من (المستدرك).
(٣) (فتح الباري): ٧ / ٢٦، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب (٥) قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كنت متخذا خليلا)، حديث رقم (٣٦٦٤).
قوله: (وفي نزعه ضعف) أي أنه على مهل ورفق.
قوله: (والله يغفر له) قال النووي: هذا دعاء من المتكلم، أي أنه لا مفهوم له. وقال غيره: فيه إشارة إلى قرب وفاة أبي بكر، وهو نظير قوله تعالى لنبيه عليه السلام: (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا)، فإنها إشارة إلى قرب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ: ويحتمل أن يكون فيه إشارة إلى أن قلة الفتوح في زمانه لا صنع له فيه، لأن سببه قصر مدته، فمعنى المغفرة له رفع الملامة عنه.
قوله: (فاستحالت في يده غربا) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة، أي دلوا عظيمة.
قوله: (فلم أر عبقريا)، بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها قاف مفتوحة وراء مكسورة وتحتانية ثقيلة. والمراد به كل شئ بلغ النهاية، وأصله أرض يسكنها الجن، ضرب بها العرب المثل في كل شئ عظيم. وقيل: قرية يعمل بها الثياب البالغة في الحسن، والعطن: هو مناخ الإبل إذا شربت ثم صدرت.
قال البيضاوي: أشار بالبئر إلى الدين الذي هو منبع ماؤها حياة النفوس، وتمام أمر المعاش والمعاد، والنزع منه إخراج الماء، وفيه إشارة إلى إشاعة أمره وإجراء أحكامه، وقوله: (يغفر الله له) إشارة إلى ضعفه - المراد به الرفق - غير قادح فيه، أو المراد بالضعف ما وقع في أيامه من أمر الردة، واختلاف الكلمة، إلى أن اجتمع ذلك في آخر أيامه وتكمل في زمان عمر، وإليه الإشارة بالقوة.
وقد وقع عند الإمام أحمد من حديث سمرة: (أن رجلا قال: يا رسول الله، رأيت كأن دلوا من السماء دليت، فجاء أبو بكر فشرب شربا ضعيفا، ثم جاء عمر فشرب حتى تضلع)... الحديث، ففي هذا إشارة إلى بيان المراد بالنزع الضعيف والنزع القوي، والله تعالى أعلم. (فتح الباري) مختصرا.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 106 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ليس فيما حرم شفاء 3
2 السعوط 4
3 ذات لجنب 6
4 الكحل 9
5 الحبة السوداء 12
6 السنا 14
7 التلبينة والحساء 16
8 اغتسال المريض 19
9 اجتناب المجذوم 24
10 وأما عرق النسا 31
11 وأما كثرة أمراضه صلى الله عليه وسلم 34
12 الحناء 35
13 الذريرة 38
14 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سحر 40
15 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سم 45
16 وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى 48
17 وأما أنه صلى الله عليه وسلم احتجم 56
18 وأما الكي والسعوط 62
19 وأما الحناء 64
20 وأما السفرجل 64
21 فصل في ذكر حركات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكونه 66
22 وأما عمله صلى الله عليه وسلم في بيته 66
23 وأما ما يقوله إذا دخل بيته صلى الله عليه وسلم 67
24 وأما ما يقوله إذا خرج من بيته صلى الله عليه وسلم 68
25 وأما مشيه صلى الله عليه وسلم 72
26 وأما نومه صلى الله عليه وسلم 80
27 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ 89
28 وأما أن قلبه صلى الله عليه وسلم لا ينام 90
29 وأما مناماته عليه السلام 92
30 فصل في ذكر صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة 139
31 ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن العوم في الماء صلى الله عليه وسلم 143
32 ذكر شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعث 145
33 فصل في ذكر سفره صلى الله عليه وسلم 150
34 أما يوم سفره صلى الله عليه وسلم 150
35 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا 153
36 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا علا على شئ 158
37 وأما كيف سيره صلى الله عليه وسلم 161
38 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم ويعمله إذا نزل منزلا 163
39 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم في السحر 164
40 ذكر ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية 165
41 ذكر تنفله صلى الله عليه وسلم على الراحلة 166
42 وأما ما يقول إذا رجع من سفره صلى الله عليه وسلم 167
43 وأما ما يصنع إذا قدم من سفر صلى الله عليه وسلم 169
44 وأما كونه لا يطرق أهله ليلا 171
45 فصل في الأماكن التي حلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى الرحلة النبوية 174
46 وأما سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه 174
47 وأما سفره صلى الله عليه وسلم في تجارة خديجة رضى الله تعالى عنها 186
48 وأما الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته الآيات ربه الكبرى 190
49 فصل جامع في ذكر حديث الإسراء والمعراج 214
50 فأما رواية حديث الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم 214
51 فصل جامع في معراج النبي صلى الله عليه وسلم 283
52 فصل في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل ليلة الإسراء 302
53 فصل في سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف 305
54 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عكاظ، ومجنة وذى المجاز 309
55 فصل في ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 316
56 فصل في ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم 330
57 غزوة الأبواء 332
58 غزوة بواط 334
59 غزوة بدر الأولى 336
60 غزوة ذي العشيرة 337
61 غزوة بدر الكبرى 339
62 غزوة بني قينقاع 346
63 غزوة السويق 348
64 غزوة قراره الكدر 350
65 غزوة ذي أمر، وهي غزوة غطفان 352
66 غزوة نجران 354
67 غزوة أحد 355
68 غزوة حمراء الأسد 357
69 غزوة بني النضير 359
70 غزوة بدر الموعد 362
71 غزوة ذات الرقاع 363
72 غزوة دومة الجندل 367
73 غزوة المريسيع 369
74 غزوة الخندق 372
75 غزوة بني قريظة 376
76 غزوة بني لحيان 379
77 غزوة الغابة 380
78 غزوة خيبر 382
79 عزوة الفتح 384
80 غزوة حنين 388
81 غزوة تبوك 391