إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٨ - الصفحة ١١٢
وخرجه البخاري من حديث الليث، عن عقيل عن ابن شهاب، قال:
أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي سعيد الخدري [رضي الله عنه] قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينا أنا نائم، رأيت الناس عرضوا علي، وعليهم قمص، فمنها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض علي عمر وعليه قميص اجتره، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين.
ذكره في كتاب التعبير، وترجم عليه باب: جر القميص في [المنام] (1).
وخرج في باب اللبن، من حديث يونس عن الزهري، قال: أخبرني حمزة ابن عبد الله، أن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: بينا أنا نائم، أتيت بقدح لبن فشربت منه، حتى إني لأرى الري يخرج في أظافيري، ثم أعطيت فضلي [يعني] عمر رضي الله عنه، [قالوا]: فما أولته يا رسول الله؟ قال [صلى الله عليه وسلم] العلم (2)، و [خرجه] في

(١) (فتح الباري): ١٢ / ٤٨٩ - ٤٩٠، كتاب التعبير، باب (١٨) جر القميص في المنام، حديث رقم (٧٠٠٩).
(٢) (فتح الباري): ١٢ / ٤٨٦، كتاب التعبير، باب (١٥) اللبن، حديث قم (٧٠٠٦).
قوله: (باب اللبن) أي إذا رؤي في المنام بماذا يعبر؟ قال المهلب: اللبن يدل على الفطرة، والسنة، والقرآن، والعلم.
قال الحافظ: وقد جاء في بعض الأحاديث المرفوعة تأويله بالفطرة، كما أخرجه البزار من حديث أبي هريرة رفعه: (اللبن في المنام فطرة)، وعند الطبراني من حديث أبي بكرة رفعه: (من رأى أنه شرب لبنا فهو الفطرة، ومن حديث أبي هريرة: (أنه صلى الله عليه وسلم لما أخذ قدح اللبن قال له جبريل: الحمد لله الذي هداك للفطرة).
وذكر الدينوري: أن اللبن المذكور في هذا يختص بالإبل، وأنه لشاربه مال حلال، وعلم، وحكمة. قال: ولبن البقر خصب السنة ومال حلال، وفطرة أيضا. ولبن الشاة مال، وسرور، وصحة جسم. وألبان الوحش شك في الدين، وألبان السباع غير محمودة، إلا أن لبن اللبؤة مال، مع عداوة لذي أمر.
قال ابن العربي: اللبن رزق يخلفه الله طيبا بين أخباث من دم وفرث، كالعلم، نور يظهره الله في ظلمة الجهل، فضرب به المثل في المنام.
قال بعض العارفين: الذي خلص اللبن من بين فرث ودم قادر على أن يخلق المعرفة من بين شك وجهل، ويحفظ العمل عن غفلة وزلل، وهو كما قال، لكن اطردت العادة بأن العلم بالتعلم، والذي ذكره قد يقع خارقا للعادة، فيكون من باب الكرامة.
وفي الحديث مشروعية قص الكبير رؤياه على من دونه، وإلقاء العالم المسائل واختيار أصحابه في تأويلها، وأن من الأدب أن يرد الطالب علم ذلك إلى معلمه، قال: والذي يظهر أنه لم يرد منهم أن يعبروها، وإنما أراد أن يسألوه عن تعبيرها، ففهموا مراده، فسألوه، فأفادهم، وكذلك ينبغي أن يسلك هذا الأدب في جميع الحالات.
وفيه أن علم النبي صلى الله عليه وسلم بالله لا يبلغ أحد درجته فيه، لأنه شرب حتى رأى الرأي يخرج من أطرافه، وأما إعطاؤه فضله عمر، فيه إشارة إلى ما حصل لعمر من العلم بالله، بحيث كان لا يأخذه في الله لومة لائم.
وفيه أن من الرؤيا ما يدل على الماضي، والحال، والمستقبل، وهذه أولت على الماضي، فإن رؤياه هذه تمثيل بأمر قد وقع، لأن الذي أعطيه من العلم كان قد حصل له، وكذلك أعطيه عمر، فكانت فائدة هذه الرؤيا تعريف قدر النسبة بين ما أعطيه صلى الله عليه وسلم من العلم، وما أعطيه عمر رضي الله عنه...
(فتح الباري) مختصرا.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 106 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ليس فيما حرم شفاء 3
2 السعوط 4
3 ذات لجنب 6
4 الكحل 9
5 الحبة السوداء 12
6 السنا 14
7 التلبينة والحساء 16
8 اغتسال المريض 19
9 اجتناب المجذوم 24
10 وأما عرق النسا 31
11 وأما كثرة أمراضه صلى الله عليه وسلم 34
12 الحناء 35
13 الذريرة 38
14 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سحر 40
15 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سم 45
16 وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى 48
17 وأما أنه صلى الله عليه وسلم احتجم 56
18 وأما الكي والسعوط 62
19 وأما الحناء 64
20 وأما السفرجل 64
21 فصل في ذكر حركات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكونه 66
22 وأما عمله صلى الله عليه وسلم في بيته 66
23 وأما ما يقوله إذا دخل بيته صلى الله عليه وسلم 67
24 وأما ما يقوله إذا خرج من بيته صلى الله عليه وسلم 68
25 وأما مشيه صلى الله عليه وسلم 72
26 وأما نومه صلى الله عليه وسلم 80
27 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ 89
28 وأما أن قلبه صلى الله عليه وسلم لا ينام 90
29 وأما مناماته عليه السلام 92
30 فصل في ذكر صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة 139
31 ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن العوم في الماء صلى الله عليه وسلم 143
32 ذكر شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعث 145
33 فصل في ذكر سفره صلى الله عليه وسلم 150
34 أما يوم سفره صلى الله عليه وسلم 150
35 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا 153
36 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا علا على شئ 158
37 وأما كيف سيره صلى الله عليه وسلم 161
38 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم ويعمله إذا نزل منزلا 163
39 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم في السحر 164
40 ذكر ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية 165
41 ذكر تنفله صلى الله عليه وسلم على الراحلة 166
42 وأما ما يقول إذا رجع من سفره صلى الله عليه وسلم 167
43 وأما ما يصنع إذا قدم من سفر صلى الله عليه وسلم 169
44 وأما كونه لا يطرق أهله ليلا 171
45 فصل في الأماكن التي حلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى الرحلة النبوية 174
46 وأما سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه 174
47 وأما سفره صلى الله عليه وسلم في تجارة خديجة رضى الله تعالى عنها 186
48 وأما الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته الآيات ربه الكبرى 190
49 فصل جامع في ذكر حديث الإسراء والمعراج 214
50 فأما رواية حديث الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم 214
51 فصل جامع في معراج النبي صلى الله عليه وسلم 283
52 فصل في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل ليلة الإسراء 302
53 فصل في سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف 305
54 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عكاظ، ومجنة وذى المجاز 309
55 فصل في ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 316
56 فصل في ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم 330
57 غزوة الأبواء 332
58 غزوة بواط 334
59 غزوة بدر الأولى 336
60 غزوة ذي العشيرة 337
61 غزوة بدر الكبرى 339
62 غزوة بني قينقاع 346
63 غزوة السويق 348
64 غزوة قراره الكدر 350
65 غزوة ذي أمر، وهي غزوة غطفان 352
66 غزوة نجران 354
67 غزوة أحد 355
68 غزوة حمراء الأسد 357
69 غزوة بني النضير 359
70 غزوة بدر الموعد 362
71 غزوة ذات الرقاع 363
72 غزوة دومة الجندل 367
73 غزوة المريسيع 369
74 غزوة الخندق 372
75 غزوة بني قريظة 376
76 غزوة بني لحيان 379
77 غزوة الغابة 380
78 غزوة خيبر 382
79 عزوة الفتح 384
80 غزوة حنين 388
81 غزوة تبوك 391