ما عليه الناس اليوم من إطباق الركب بالأكف، وتفريج الأصابع.
قال الشافعي - رحمة الله عليه -: في رواية حرمله قوله: إني لأراكم من وراء ظهري، كرامة من الله أبانه بها من خلفه. وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل رحمه الله -: قول النبي (صلى الله عليه وسلم) إني لأراكم من وراء ظهري فقال:
كان يرى من خلفه كما يرى من بين يديه، قلت له: إن إنسانا قال لي: هو في ذلك مثل غيره، وإنما كان يراهم كما ينظر الإمام من عن يمينه، فأنكر ذلك إنكارا شديدا.
وقال أبو عمر يوسف بن عبد البر هذا كما قال (صلى الله عليه وسلم) ولا سبيل إلى كيفية ذلك، وهو علم من أعلام نبوته (صلى الله عليه وسلم).
وخرج من طريق قاسم بن أصبغ عن سفيان عن داود وحميد وابن أبي نجيح، عن مجاهد، [في] قوله عز وجل: (وتقلبك في الساجدين) (1) قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يرى من خلفه في الصلاة كما يرى من بين يديه.
وخرج البيهقي من حديث فضيل عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن قيس عن مجاهد، في قوله تعالى: (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين) (1)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرى من خلفه من الصفوف كما يرى من بين يديه (2).
وقال الحبر أبو زكريا النووي - رحمه الله -: قال العلماء: معناه أن الله تعالى خلق له (صلى الله عليه وسلم) إدراكا في قفاه يبصر به من ورائه، وقد انخرقت العادة له (صلى الله عليه وسلم) بأكثر من هذا، وليس يمنع من هذا عقل ولا شرع، بل ورد الشرع بظاهره فوجب القول به (3).