عياض، وهذا لا يخالف الأول، فإن الأول في سائر الغرماء الذين حضروا وحضر النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى أوفاهم ديونهم، وهذا في اليهودي الذي أتاه بعدهم، وطالب بدينه، فأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) جابرا بجذ ما بقي على النخلات وإيفائه حقه، والله أعلم (1).
قال الواقدي - وقد ذكر غزوة ذات الرقاع -: وحدثني إسماعيل بن عطية ابن عبد الله بن أنيس [عن أبيه] عن جابر بن عبد الله قال: لما انصرفنا راجعين فكنا بالشقرة، قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يا جابر، ما فعل دين أبيك؟ فقلت:
عليه انتظرت يا رسول الله أن يجذ له نخله، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا جذذت فأحضرني، قال: قلت: نعم، ثم قال: من صاحب دين أبيك؟ فقلت: أبو الشحم اليهودي، له على أبي سقة (2) من تمر، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فمتى تجذها؟ قال: قلت: غدا، قال: يا جابر، إذا جذذتها فاعزل العجوة على حدتها، وألوان التمر على حدتها.
قال: ففعلت، فجعلت الصيحاني على حدة، وأمهات الجرادين على حدة، والعجوة على حدة، ثم عمدت إلى جماع من التمر مثل نخبة وقرن وشقحة وغيرها من الأنواع - وهو أقل التمر - فجعلته حبلا (3) واحدا، ثم جئت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبرته فانطلق ومعه علية أصحابه، فدخلوا الحائط، وحضر أبو الشحم.
قال: فلما نظر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى التمر مصنفا قال: اللهم بارك له، ثم انتهى إلى العجوة فمسها بيده، وأصناف التمر، ثم جلس وسطها، ثم قال: ادع غريمك.
فجاء أبو الشحم، فقال: اكتل: فاكتال حقه كله من حبل واحد وهو العجوة، وبقية التمر كما هو، فقال: يا جابر، هل بقي على أبيك شئ؟ قال: قلت: