وقرئت عليه فسمعها الحافظ وغيرهم. قال البرزالي: وقد قرأت عليه ثلاثا وعشرين مجلدا بحذف المكررات. ومن الاجزاء خمسمائة وخمسين جزء بالمكررات. قال: وكان قد اشتغل بالطب، وكان يعالج الناس بغير أجرة، وكان يحفظ كثيرا من الأحاديث والحكايات والاشعار، وله نظم، وخدم من عدة جهات الكتابة، ثم ترك ذلك ولزم بيته وإسماع الحديث، وتفرد في آخر عمره في أشياء كثيرة، وكان سهلا في التسميع، ووقف آخر عمره داره دار حديث، وخص الحافظ البرزالي والمزي بشئ من بره، وكانت وفاته يوم الاثنين وقت الظهر خامس وعشرين شعبان، ودفن بقاسيون رحمه الله.
الوزير ثم الأمير نجم الدين حمد (1) بن الشيخ فخر الدين عثمان بن أبي القاسم البصراوي الحنفي، درس ببصرى بعد عمه القاضي صدر الدين الحنفي، ثم ولي الحسبة بدمشق ونظر الخزانة، ثم ولي الوزارة، ثم سأل الإقامة منها فعوض بأمرية عشرة عنها بإقطاع هائل، وعومل في ذلك معاملة الوزارة في حرمته ولبسته، حتى كانت وفاته ببصرى يوم الخميس ثامن عشرين شعبان، ودفن هناك، وكان كريما ممدحا وهاب نهابا كثير الصدقة والاحسان إلى الناس، ترك أموالا وأولادا ثم تفانوا كلهم بعده وتفرقت أمواله، ونكحت نساؤه وسكنت منازله.
الأمير صارم الدين بن قراسنقر الجوكندار مشد الخاص، ثم ولي بدمشق ولاية ثم عزل عنها قبل موته بستة أشهر، توفي تاسع رمضان ودفن بتربته المشرفة المبيضة شرقي مسجد النارنج (2) كان قد أعدها لنفسه.
الشيخ أحمد الأعقف الحريري شهاب الدين أحمد بن حامد بن سعيد التنوخي الحريري، ولد سنة أربع وأربعين وستمائة، واشتغل في صباه على الشيخ تاج الدين الفزاري في التنبيه، ثم صحب الحريرية وخدمهم ولزم مصاحبة الشيخ نجم الدين بن إسرائيل، وسمع الحديث، وحج غير مرة، وكان مليح الشكل كثير التودد إلى الناس، حسن الأخلاق، توفي يوم الأحد ثالث عشرين رمضان بزاويته بالمزة، ودفن بمقبرة المزة، وكانت جنازته حافلة.