فيها ابن صصرى شرف الدين الهاوندي، وكان متواليا طرابلس قبل ذلك، ووصل مع بكتمر الحاجب الطواشي ظهير الدين مختار المعروف بالزرعي، متواليا الخزانة بالقلعة عوضا عن الطواشي ظهير الدين مختار البلستين توفي.
وفي هذا الشهر أعني ذا القعدة وصلت الاخبار بموت ملك التتر خربندا محمد بن أرغون بن أبغا بن هولاكوقان ملك العراق وخراسان وعراق العجم والروم وأذربيجان والبلاد الأرمينية وديار بكر. توفي في السابع والعشرين من رمضان ودفن بتربته بالمدينة التي أنشأها، التي يقال لها السلطانية وقد جاوز الثلاثين من العمر، وكان موصوفا بالكرم ومحبا للهو واللعب والعمائر، وأظهر الرفض، أقام سنة على السنة ثم تحول إلى الرفض أقام شعائره في بلاده وحظي عنده الشيخ جمال الدين بن مطهر الحلي، تلميذ نصير الدين الطوسي، وأقطعه عدة بلاد، ولم يزل على هذا المذهب الفاسد إلى أن مات في هذه السنة، وقد جرت في أيامه فتن كبار ومصائب عظام، فأراح الله منه العباد والبلاد، وقام في الملك بعده ولده أبو سعيد وله إحدى عشرة سنة (1)، ومدبر الجيوش والممالك له الأمير جوبان، واستمر في الوزارة على شاه التبريزي، وأخذ أهل دولته بالمصادرة وقتل الأعيان ممن اتهمهم بقتل أبيه مسموما، ولعب كثير من الناس به في أول دولته ثم عدل إلى العدل وإقامة السنة، فأمر بإقامة الخطبة بالترضي عن الشيخين أولا ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم، ففرح الناس بذلك وسكنت بذلك الفتن والشرور والقتال الذي كان بين أهل تلك البلاد وبهراة وأصبهان وبغداد وإربل وساوة وغير ذلك، وكان صاحب مكة الأمير خميصة (1) ابن أبي نمي الحسني، قد قصد ملك التتر خربندا لينصره على أهل مكة فساعده الروافض هناك وجهزوا معه جيشا كثيفا من خراسان، فلما مات خربندا لبطل ذلك بالكلية، وعاد خميصة (2) خائبا خاسئا. وفي صحبته أمير من كبار الروافض من التتر يقال له الدلقندي (3)، وقد جمع لخميصة أموالا كثيرة ليقيم بها الرفض في بلاد الحجاز، فوقع بهما الأمير محمد بن عيسى أخو مهنا، وقد كان في بلاد التتر أيضا ومعه جماعة من العرب، فقهرهما ومن كان معهما، ونهب ما كان معهما من الأموال وحضرت الرجال، وبلغت أخبار ذلك إلى الدولة الاسلامية فرضي عنه الملك الناصر وأهل دولته، وغسل ذلك ذنبه عنده، فاستدعى به السلطان إلى حضرته فحضر سامعا مطيعا، فأكرمه نائب الشام، فلما وصل إلى السلطان أكرمه أيضا، ثم إنه استفتى الشيخ تقي الدين بن تيمية، وكذلك أرسل إليه السلطان يسأله عن الأموال التي أخذت من الدلقندي (2)، فأفتاهم أنها