ودكاكين، وذهب للناس شئ كثير من الأمتعة والنحاس والبضائع وغير ذلك، مما يقاوم ألف ألف وأكثر خارجا عن الأموال، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقد ذكر كثير من الناس أنه كان في هذه القياسير شر كثير من الفسق والربا والزغل وغير ذلك.
وفي السابع والعشرين من جمادى الأولى ورد الخبر بأن الفرنج لعنهم الله استحوذوا على مدينة صفد: قدموا في سبعة مراكب وقتلوا طائفة من أهلها ونهبوا شيئا كثيرا وأسروا أيضا، وهجموا على الناس وقت الفجر يوم الجمعة، وقد قتل منهم المسلمون خلقا كثيرا وكسروا مركبا من مراكبهم، وجاء الفرنج في عشية السبت قبل العصر وقدم الوالي وهو جريح مثقل، وأمر نائب السلطنة عند ذلك بتجهيز الجيش إلى تلك الناحية فساروا تلك الليلة ولله الحمد، وتقدمهم حاجب الحجاب وتحدر إليه نائب صفد الأمير شهاب الدين بن صبح، فسبق الجيش الدمشقي، ووجد الفرنج قد برزوا بما غنموا من الأمتعة والأسارى إلى جزيرة تلقاء صيدا في البحر، وقد أسر المسلمون منهم في المعركة شيخا وشابا من أبناء أشرافهم، وهو الذي عاقهم عن الذهاب، فراسلهم الجيش في انفكاك الأسارى من أيديهم فبادرهم عن كل رأس بخمسمائة فأخذوا من ديوان الأسارى مبلغ ثلاثين ألفا، ولم يبق معهم ولله الحمد أحد. واستمر الصبي من الفرنج مع المسلمين، وأسلم ودفع إليهم شيخ الجريح، وعطش الفرنج عطشا شديدا، وأرادوا أن يرووا من نهر هناك فبادرهم الجيش إليه فمنعوهم أن ينالوا منه قطرة واحدة، فرحلوا ليلة الثلاثاء منشمرين بما معهم من الغنائم، وبعثت رؤوس جماعة من الفرنج ممن قتل في المعركة فنصبت على القلعة بدمشق، وجاء الخبر في هذا الوقت بأن إيناس قد أحاط بها الفرنج، وقد أخذوا الربيض (1) وهم محاصرون القلعة، وفيها نائب البلد، وذكروا أنهم قتلوا خلقا كثيرا من أهلها فإنا لله وإنا إليه راجعون، وذهب صاحب حلب في جيش كثيف نحوهم والله المسؤول أن يظفرهم بهم بحوله وقوته، وشاع بين العامة أيضا أن الإسكندرية محاصرة ولم يتحقق ذلك إلى الآن، وبالله المستعان.
وفي يوم السبت رابع جمادى الآخرة قدم رؤوس من قتلى الفرنج على صيدا، وهي بضع وثلاثون رأسا، فنصبت على شرافات القلعة ففرح المسلمون بذلك ولله الحمد.
وفي ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من جمادى الآخرة وقع حريق عظيم داخل باب الصغير من مطبخ السكر الذي عند السويقة الملاصقة لمسجد الشناشين، فاحترق المطبخ وما حوله إلى حمام أبي نصر، واتصل بالسويقة المذكورة وما هنالك من الأماكن، فكان قريبا أو أكثر من الحريق ظاهر باب الفرج فإنا لله وإنا إليه راجعون، وحضر نائب السلطنة، وذلك أنه كان وقت صلاة العشاء ولكن كان الريح قويا، وذلك بتقدير العزيز العليم.
وتوفي الشيخ عز الدين محمد بن إسماعيل بن عمر الحموي أحد مشايخ الرواة في ليلة