ووصلت كتب الحجاج في الثاني والعشرين من المحرم تصف مشقة كثيرة حصلت للحجاج من موت الجمال وإلقاء الأحمال ومشي كثير من النساء والرجال، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله على كل حال.
وفي آخر المحرم قدم إلى دمشق القاضي حسام الدين حسن بن محمد الغوري قاضي بغداد، وكان والوزير نجم الدين محمود بن علي بن شروان الكردي، وشرف الدين عثمان بن حسن البلدي فأقاموا ثلاثة أيام ثم توجهوا إلى مصر فحصل لهم قبول تام من السلطان، فاستقضى الأول على الحنفية كما سيأتي، واستوزر الثاني وأمر الثالث. وفي يوم عاشوراء أحضر شمس الدين محمد ابن الشيخ شهاب الدين بن اللبان الفقيه الشافعي إلى مجلس الحكم الجلالي، وحضر معه شهاب الدين بن فضل الله مجد الدين الأقصرائي شيخ الشيوخ، وشهاب الدين الأصبهاني، فادعى عليه بأشياء منكرة من الحلول والاتحاد والغلو في القرمطة وغير ذلك، فأقر ببعضها فحكم عليه بحقن دمه ثم توسط في أمره وأبقيت عليه جهاته، ومنع من الكلام على الناس، وقام في صفه جماعة من الأمراء والأعيان. وفي صفر احترق بقصر حجاج حريق عظيم أتلف دورا ودكاكين عديدة.
وفي ربيع الأول ولد للسلطان ولد فدقت البشائر وزينت البلد أياما. وفي منتصف ربيع الآخر أمر الأمير صارم الدين إبراهيم الحاجب الساكن تجاه جامع كريم الدين طبلخاناه، وهو من كبار أصحاب الشيخ تقي الدين رحمه الله، وله مقاصد حسنة صالحة، وهو في نفسه رجل جيد.
وفيه أفرج عن الخليفة المستكفي وأطلق من البرج في حادي عشرين ربيع الآخر ولزم بيته (1). وفي يوم الجمعة عشرين جمادى الآخرة أقيمت الجمعة في جامعين بمصر، أحدهما أنشأه الأمير عز الدين أيدمر بن عبد الله الخطيري، ومات بعد ذلك بإثني عشر يوما رحمه الله، والثاني أنشأته امرأة يقال لها الست حدق دادة السلطان الناصر عند قنطرة السباع. وفي شعبان سافر القاضي شهاب الدين أحمد بن شرف بن منصور النائب في الحكم بدمشق إلى قضاء طرابلس، وناب بعده الشيخ شهاب الدين أحمد بن النقيب البعلبكي. وفيه خلع على عز الدين بن جماعة بوكالة بيت المال بمصر، وعلى ضياء الدين ابن الخطيب بيت الابار بالحسبة بالقاهرة، مع ما بيده من نظر الأوقاف وغيره. وفيه أمر الأمير ناظر القدس بطلب لخاناه ثم عاد إلى دمشق.
وفي عاشر رمضان قدمت من مصر مقدمتان ألفان إلى دمشق سائرة إلى بلاد سيس، وفيهم علاء الدين (2)، فاجتمع به أهل العلم وهو من أفاضل الحنفية، وله مصنفات في الحديث وغيره.
وخر الركب الشامي يوم الاثنين عاشر شوال وأميره بهادر قبجق، وقاضيه محيي الدين