بالحسن بن علي الوجع جزع فدخل عليه رجل فقال له: يا أبا محمد ما هذا الجزع؟ ما هو إلا أن تفارق روحك جسدك فتقدم على أبويك علي وفاطمة، وعلى جديك النبي صلى الله عليه وسلم وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم الطيب ومطهر وإبراهيم، وعلى خالاتك رقية وأم كلثوم وزينب، قال: فسرى عنه. وفي رواية أن القائل له ذلك الحسين، وأن الحسن قال له:
يا أخي إني أدخل في أمر من أمر الله لم أدخل في مثله، وأرى خلقا من خلق الله لم أر مثله قط قال:
فبكى الحسين رضي الله عنهما. رواه عباس الدوري عن ابن معين، ورواه بعضهم عن جعفر بن محمد عن أبيه فذكر نحوهما. وقال الواقدي: ثنا إبراهيم بن الفضل، عن أبي عتيق قال:
سمعت جابر بن عبد الله يقول: شهدنا حسن بن علي يوم مات وكادت الفتنة تقع بين الحسين بن علي ومروان بن الحكم، وكان الحسن قد عهد إلى أخيه أن يدفن مع رسول الله، فإن خاف أن يكون في ذلك قتال أو شر فليدفن بالبقيع، فأبى مروان أن يدعه - ومروان يومئذ معزول يريد أن يرضي معاوية - ولم يزل مروان عدوا لبني هاشم حتى مات، قال جابر: فكلمت يومئذ حسين بن علي فقلت: يا أبا عبد الله اتق الله ولا تثر فتنة فإن أخاك كان لا يحب ما ترى، فادفنه بالبقيع مع أمه ففعل. ثم روى الواقدي: حدثني عبد الله بن نانع، عن أبيه، عن عمر قال حضرت موت الحسن بن علي فقلت للحسين بن علي اتق الله ولا تثر فتنة ولا تسفك الدماء: وادفن أخاك إلى جانب أمه، فإن أخاك قد عهد بذلك إليك، قال ففعل الحسين. وقد روى الواقدي عن أبي هريرة نحوا من هذا، وفي رواية أن الحسن بعث يستأذن عائشة في ذلك فأذنت له، فلما مات لبس الحسين السلاح وتسلح بنو أمية وقالوا: لا ندعه يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيدفن عثمان بالبقيع ويدفن الحسن بن علي في الحجرة؟ فلما خاف الناس وقوع الفتنة أشار سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وجابر وابن عمر على الحسين أن لا يقاتل فامتثل ودفن أخاه قريبا من قبر أمه بالبقيع، رضي الله عنه. وقال سفيان الثوري عن سالم بن أبي حفصة عن أبي حازم قال: رأيت الحسين بن علي قدم يومئذ سعيد بن العاص فصلى على الحسن وقال: لولا أنها سنة ما قدمته. وقال محمد بن إسحاق: حدثني مساور مولى بني سعد بن بكر قال: رأيت أبا هريرة قائما على مسجد رسول الله يوم مات الحسن بن علي وهو ينادي بأعلا صوته: يا أيها الناس مات اليوم حب رسول الله فابكوا.
وقد اجتمع الناس لجنازته حتى ما كان البقيع يسع أحدا من الزحام. وقد بكاه الرجال والنساء سبعا، واستمر نساء بني هاشم ينحن عليه شهرا، وحدت نساء بني هاشم عليه سنة. قال يعقوب بن سفيان: حدثنا محمد بن يحيى ثنا سفيان عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: قتل علي وهو ابن ثمان وخمسين سنة، ومات لها حسن، وقتل لها الحسين رضي الله عنهم. وقال شعبة عن أبي بكر بن حفص قال: توفي سعد والحسن بن علي في أيام بعدما مضى من إمارة معاوية عشر سنين. وقال علية، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: توفي الحسن وهو ابن سبع وأربعين، وكذا قال غير واحد وهو أصح. والمشهور أنه مات سنة تسع وأربعين كما ذكرنا، وقال آخرون: