الأول، وكان قد سألهم أن يصلي ركعتين قبل أن يقتلوه، فصلى ركعتين فطول فيهما، وقال إنهما لأخف صلاة صليتها. وجاء رسول عائشة بعد ما فرغ من شأنهم. فلما حج معاوية قالت له عائشة: أين عزب عنك حلمك حين قتلت حجرا؟ فقال: حين غاب عني مثلك من قومي.
ويروى أن عبد الرحمن بن الحارث قال لمعاوية: أقتلت حجر بن الأدبر؟ فقال معاوية: قتله أحب إلي من أن أقتل معه مائة ألف. وقد ذكر ابن جرير وغيره عن حجر بن عدي وأصحابه أنهم كانوا ينالون من عثمان ويطلقون فيه مقالة الجور، وينتقدون على الامراء، ويسارعون في الانكار عليهم، ويبالغون في ذلك، ويتولون شيعة علي، ويتشددون في الدين. ويروى أنه لما أخذ في قيوده سائرا من الكوفة إلى الشام تلقته بناته في الطريق وهن يبكين، فمال نحوهن: فقال إن الذي يطعمكم ويكسوكم هو الله وهو باق لكن بعدي، فعليكن بتقوى الله وعبادته، وإني أما أن أقتل في وجهي وهي شهادة، أو أن أرجع إليكن مكرما، والله خليفتي عليكم. ثم انصرف مع أصحابه في قيوده، ويقال إنه أوصى أن يدفن في قيوده ففعل ذلك به، ولكن صلوا عليهم ودفنوهم مستقبل القبلة رحمهم الله وسامحهم. وقد قالت امرأة من المتشيعات ترثي حجرا - وهي هند بنت زيد بن مخرمة الأنصارية - ويقال إنها لهند أخت حجر (1). فالله أعلم.
ترفع أيها القمر المنير * تبصر هل ترى حجرا يسير يسير إلى معاوية بن حرب * ليقتله كما زعم الأمير (2) يرى قتل الخيار عليه حقا * له من شر أمته وزير ألا يا ليت حجرا مات يوما * ولم ينحر كما نحر البعير (3) تجبرت الجبابر بعد حجر * وطاب لها الخورنق والسدير وأصبحت البلاد له محولا * كأن لم يحيها مزن مطير (4) ألا يا حجر حجر بن (5) عدي * تلقتك السلامة والسرور أخاف عليك ما أردى عديا * وشيخا في دمشق له زبير (6) فإن تهلك فكل زعيم (7) قوم * من الدنيا إلى هلك يصير فرضوا أن الآله عليك ميتا * وجنات بها نعم وحور