وكتب خالد أمير البصرة إلى عبد الملك يعلمه بما وقع، واجتمع على خالد هذا حرب أبي فديك وحرب الأزارقة أصحاب قطري بن الفجاءة بالأهواز.
قال ابن جرير: وفيها بعث عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف الثقفي إلى عبد الله بن الزبير ليحاصره بمكة، قال: وكان السبب في بعثه له دون غيره، أن عبد الملك بن مروان لما أراد الرجوع إلى الشام بعد قتله مصعبا وأخذه العراق، ندب الناس إلى قتال عبد الله بن الزبير بمكة فلم يجبه أحد إلى ذلك، فقام الحجاج وقال: يا أمير المؤمنين أنا له، وقص الحجاج على عبد الملك مناما زعم أنه رآه، قال: رأيت يا أمير المؤمنين كأني أخذت عبد الله بن الزبير فسلخته، فابعث بي إليه فإني قاتله، فبعثه في جيش كثيف من أهل الشام وكتب معه أمانا لأهل مكة إن هم أطاعوه، قالوا: فخرج الحجاج في جمادى من هذه السنة ومعه ألفا فارس (1) من أهل الشام، فسلك طريق العراق ولم يعرض للمدينة حتى نزل الطائف، وجعل يبعث البعوث إلى عرفة، ويرسل ابن الزبير الخيل فيلتقيان فيهزم خيل ابن الزبير وتظفر خيل الحجاج، ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه في دخول الحرم ومحاصرة ابن الزبير، فإنه قد كلت شوكته، وملت جماعته، وتفرق عنه عامة أصحابه، وسأله أن يمده برجال أيضا، فكتب عبد الملك إلى طارق بن عمرو يأمره أن يلحق بمن معه بالحجاج، وارتحل الحجاج من الطائف فنزل بئر ميمونة، وحصر ابن الزبير بالمسجد، فلما دخل ذو الحجة حج بالناس الحجاج في هذه السنة وعليه وعلى أصحابه السلاح وهم وقوف بعرفات، وكذا فيما بعدها من المشاعر، وابن الزبير محصور لم يتمكن من الحج هذه السنة، بل نحر بدنا يوم النحر، وهكذا لم يتمكن كثير ممن معه من الحج، وكذا لم يتمكن كثير ممن مع الحجاج وطارق بن عمرو أن يطوفوا بالبيت، فبقوا على إحرامهم لم يحصل لهم التحلل الثاني، والحجاج وأصحابه نزول بين الحجون وبئر ميمونة فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال ابن جرير: وفي هذه السنة كتب عبد الملك إلى عبد الله بن خازم أمير خراسان يدعوه إلى بيعته ويقطعه خراسان سبع سنين، فلما وصل إليه الكتاب قال للرسول (2): بعثك أبو الذبان؟
والله لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتك، ولكن كل كتابه فأكله، وبعث عبد الملك إلى بكير بن وشاح (3) نائب ابن خازم على مرو يعده بأمرة خراسان إن خلع عبد الله بن خازم، فخلعه، فجاء ابن خازم فقاتله فقتل في المعركة عبد الله بن خازم أمير خراسان، قتله رجل يقال له وكيع بن