منهم جماعة من الامراء، وخلق من القراء وطائفة كثيرة من الشيعة الأغبياء، ثم انتهت الهزيمة إلى المختار.
وقال الواقدي: لما انتهت مقدمة المختار إليه جاء مصعب فقطع الدجلة إلى الكوفة وقد حصن المختار القصر واستعمل عليه عبد الله بن شداد وخرج المختار بمن بقي معه فنزل حروراء فلما قرب جيش مصعب منه جهز إلى كل قبيلة كردوسا، فبعث إلى بكر بن وائل سعيد بن منقذ، وإلى عبد القيس مالك بن منذر (1)، وإلى العالية عبد الله بن جعدة، وإلى الأزد مسافر بن سعيد، وإلى بني تميم سليم بن يزيد الكندي، وإلى محمد بن الأشعث السائب بن مالك، ووقف المختار في بقية أصحابه فاقتتلوا قتالا شديدا إلى الليل فقتل أعيان أصحاب المختار وقتل تلك الليلة محمد بن الأشعث وعمير (2) بن علي بن أبي طالب، وتفرق عن المختار باقي أصحابه، فقيل له القصر القصر، فقال: والله ما خرجت منه وأنا أريد أن أعود إليه، ولكن هذا حكم الله، ثم ساروا إلى القصر فدخل وجاءه مصعب ففرق القبائل في نواحي الكوفة، واقتسموا المحال، وخلصوا إلى القصر، وقد منعوا المختار المادة والماء، وكان المختار يخرج فيقاتلهم ثم يعود إلى القصر، ولما اشتد عليه الحصار قال لأصحابه: إن الحصار لا يزيدنا إلا ضعفا، فانزلوا بنا حتى نقاتل حتى الليل حتى نموت كراما، فوهنوا فقال أما فوالله لا أعطي بيدي. ثم اغتسل وتطيب وتحنط وخرج فقاتل هو ومن معه حتى قتلوا.
وقيل بل أشار عليه جماعة من أساورته بأن يدخل القصر دار إمارته، فدخله وهو ملوم مذموم، وعن قريب ينفذ فيه القدر المحتوم، فحاصره مصعب فيه وجميع أصحابه حتى أصابهم من جهد العطش ما الله به عليم، وضيق عليهم المسالك والمقاصد، وانسدت عليهم أبواب الحيل، وليس فيهم رجل رشيد ولا حليم، ثم جعل المختار يجيل فكرته ويكرر رويته في الامر الذي قد حل به، واستشار من عنده في هذا السبب السئ الذي قد اتصل سببه بسببه من الموالي والعبيد، ولسان القدر والشرع يناديه: * (قد جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) * [سبأ: 49] ثم قوى عزمه قوة الشجاعة المركبة فيه، على أن أخرجته من بين من كان يحالفه ويواليه، ورأى أن يموت على فرسه، حتى يكون عليها انقضاء آخر نفسه، فنزل حمية وغضبا، وشجاعة وكلبا، وهو مع ذلك لا يجد مناصا ولا مفرا ولا مهربا، وليس معه من أصحابه سوى تسعة عشر، ولعله إن كان قد استمر على ما عاش عليه أن لا يفارقه التسعة عشر الموكلون بسقر، ولما خرج من القصر سأل أن