سيرة عثمان - وتكلم فيه - ولا سيرة عمر وإن كان لا يريد للناس إلا خيرا، وصدقه على ما قال بعض أمراء الشيعة، فسكت الأمير وقال: إني سأسير فيكم بما تحبون من ذلك، وجاء صاحب الشرطة وهو إياس بن مضارب البجلي (1) إلى ابن مطيع فقال: إن هذا الذي يرد عليك من رؤوس أصحاب المختار، ولست آمن من المختار، فابعث إليه فاردده إلى السجن فإن عيوني قد أخبروني أن أمره قد استجمع له، وكأنك به وقد وثب في المصر. فبعث إليه عبد الله بن مطيع زائدة بن قدامة وأميرا آخر معه (2)، فدخلا على المختار فقالا له: أجب الأمير. فدعا بثيابه وأمر باسراج دابته، وتهيأ للذهاب معهما، فقرأ زائدة بن قدامة: * (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك) * الآية [الأنفال: 30]. فألقى المختار نفسه وأمر بقطيفة أن تلقى عليه، وأظهر أنه مريض، وقال: أخبرا الأمير بحالي، فرجعا إلى ابن مطيع فاعتذرا عنه، فصدقهما ولها عنه، فلما كان شهر المحرم من هذه السنة عزم المختار على الخروج لطلب الاخذ بثأر الحسين فيما يزعم، فلما صمم على ذلك اجتمعت عليه الشيعة وثبطوه عن الخروج الآن إلى وقت آخر، ثم أنفذوا طائفة منهم إلى محمد بن الحنفية يسألونه عن أمر المختار وما دعا إليه (3)، فلما اجتمعوا به كان ملخص ما قال لهم: إنا لا نكره أن ينصرنا الله بمن شاء من خلقه، وقد كان المختار بلغه مخرجهم إلى محمد بن الحنفية، فكره ذلك وخشي أن يكذبه فيما أخبر به عنه، فإنه لم يكن باذن محمد بن الحنفية، وهم بالخروج قبل رجوع أولئك، وجعل يسجع لهم سجعا من سجع الكهان بذلك، ثم كان الامر على ما سجع به، فلما رجعوا أخبروه بما قال ابن الحنفية، فعند ذلك قوي أمر الشيعة على الخروج مع المختار بن أبي عبيد.
وقد روى أبو مخنف أن أمراء الشيعة قالوا للمختار: اعلم أن جميع أمراء الكوفة مع عبد الله بن مطيع وهم إلب علينا، وإنه إن بايعك إبراهيم بن الأشتر النخعي وحده أغنانا عن جميع من سواه. فبعث إليه المختار جماعة (4) يدعونه إلى الدخول معهم في الاخذ بثأر الحسين، وذكروه سابقة أبيه مع علي رضي الله عنه، فقال: قد أجبتكم إلى ما سألتم، على أن أكون أنا ولي أمركم، فقالوا: إن هذا لا يمكن، لان المهدي قد بعث لنا المختار وزيرا له وداعيا إليه، فسكت