والأرجاف، فوالذي لا إله غيره لئن بلغني عن رجل منكم خلاف لأقتلنه وعريفه ووليه، ولآخذن الأدنى بالأقصى، حتى يستقيم لي الامر (1)، ولا يكن فيكم مخالف ولا مشاقق، أنا ابن زياد أشبهته من بين من وطئ الحصى، ولم يتنزعني شبه خال ولا عم. ثم خرج من البصرة ومعه مسلم بن عمرو الباهلي فكان من أمره ما تقدم.
قال أبو مخنف عن الصقعب بن زهير عن عون بن أبي جحيفة قال: كان مخرج مسلم بن عقيل بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة، وقتل يوم الأربعاء لتسع مضين من ذي الحجة (2)، وذلك يوم عرفة سنة ستين، وكان ذلك بعد مخرج الحسين من مكة قاصدا أرض العراق بيوم واحد، وكان خروج الحسين من المدينة إلى مكة يوم الأحد لليلتين بقيتا من رجب سنة ستين، ودخل مكة ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان، فأقام بمكة بقية شعبان ورمضان وشوال و [ذي] القعدة، وخرج من مكة لثمان مضين من ذي الحجة يوم الثلاثاء يوم التروية، وفي رواية ذكرها ابن جرير أن مسلم بن عقيل لما بكى قال له عبيد الله بن عباس السلمي. إن من يطلب مثل ما تطلب لا يبكي إذا نزل به مثل الذي نزل بك، قال: إني والله ما لنفسي أبكي، وما لها من القتل أرثي، وإن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفا، ولكنني أبكي لأهلي المقبلين إلى الكوفة، أبكي الحسين وآل حسين، ثم أقبل على محمد بن الأشعث فقال: يا عبد الله! إني والله أراك ستعجز عن أماني، فهل عندك خير تستطيع أن تبعث رجلا على لساني يبلغ حسينا عني رسالة؟ فإني لا أراه إلا قد خرج إليكم اليوم أو غدا هو وأهل بيته، وإن ما تراه من جزعي لذلك، فتقول له: إن ابن عقيل بعثني إليك وهو في أيدي القوم أسير لا يدري أيصبح أم يمسي حتى يقتل، وهو يقول لك:
ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فإنهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل، إن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي، فقال ابن الأشعث: والله لأفعلن ولأعلمن ابن زياد أني قد أمنتك. قال أبو مخنف: فدعا محمد بن الأشعث إياس بن العباس (3) الطائي من بني مالك بن ثمامة - وكان شاعرا - فقال له: اذهب فالق حسينا فأبلغه هذا الكتاب - وكتب فيه الذي أمره به ابن عقيل - ثم أعطاه راحلة وتكفل له بالقيام بأهله وداره، فخرج حتى لقي الحسين بزبالة، لأربع ليال من الكوفة فأخبره الخبر وأبلغه الرسالة، فقال الحسين: كل ما حم نازل، عند الله نحتسب وأنفسنا وفساد أئمتنا. ولما انتهى مسلم إلى باب القصر وأراد شرب الماء قال له مسلم بن عمرو الباهلي: أتراها ما أبردها؟ والله لا تذوقها أبدا حتى تذوق الحميم في نار جهنم. فقال له ابن عقيل: ويحك من أنت؟ قال: أنا من عرف الحق إذ أنكرته، ونصح لامامه