إلي من إصلاح الرعايا وإقامة الحدود والاصلاح بين الناس والجهاد في سبيل الله والأمور العظام التي لا يحصيها إلا الله ولا نحصيها أكثر مما تذكر من العيوب والذنوب، وإني لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات ويعفو عن السيئات، والله على ذلك ما كنت لأخير بين الله وغيره إلا اخترت الله على غيره مما سواه، فقال: ففكرت حين قال لي ما قال فعرفت أنه قد خصمني. قال: فكان المسور إذا ذكره بعد ذلك دعا له بخير. وقد رواه شعيب عن الزهري عن عروة عن المسور بنحوه.
وقال ابن دريد عن أبي حاتم عن العتبي قال قال معاوية: يا أيها الناس! ما أنا بخيركم وإن منكم لمن هو خير مني، عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما من الأفاضل، ولكن عسى أن أكون أنفعكم ولاية، وأنكاكم في عدوكم، وأدركم حلبا. وقد رواه أصحاب محمد عن ابن سعد عن محمد بن مصعب، عن أبي بكر بن أبي مريم عن ثابت مولى معاوية أنه سمع معاوية يقول نحو ذلك. وقال هشام بن عمار خطيب دمشق: حدثنا عمرو بن واقد، ثنا يونس بن حلبس قال سمعت معاوية على منبر دمشق يوم جمعة يقول: أيها الناس اعقلوا قولي، فلن تجدوا أعلم بأمور الدنيا والآخرة مني، أقيموا وجوهكم وصفوفكم في الصلاة، أو ليخالفن الله بين قلوبكم، خذوا على أيدي سفهائكم أو ليسلطن الله عليكم عدوكم فليسومنكم سوء العذاب. تصدقوا ولا يقولن الرجل إني مقل، فإن صدقة المقل أفضل من صدقة الغني، إياكم وقذف المحصنات، وأن يقول الرجل: سمعت وبلغني، فلو قذف أحدكم امرأة على عهد نوح لسئل عنها يوم القيامة. وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا يزيد بن طهمان الرقاشي ثنا محمد بن سيرين. قال: كان معاوية إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتهم. ورواه أبو القاسم البغوي عن سويد بن سعيد، عن همام بن إسماعيل، عن أبي قبيل. قال: كان معاوية يبعث رجلا يقال له أبو الجيش في كل يوم فيدور على المجالس يسأل هل ولد لاحد مولود؟ أو قدم أحد من الوفود؟ فإذا أخبر بذلك أثبت في الديوان - يعني ليجري عليه الرزق - وقال غيره: كان معاوية متواضعا ليس له مجالد إلا كمجالد الصبيان التي يسمونها المخاريق فيضرب بها الناس. وقال هشام بن عمار، عن عمرو بن واقد، عن يونس بن ميسرة بن حلبس. قال: رأيت معاوية في سوق دمشق وهو مردف وراءه وصفيا عليه قميص مرقوع الجيب، وهو يسير في أسواق دمشق، وقال الأعمش عن مجاهد، إنه قال: لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي. وقال هشيم عن العوام عن جبلة بن سحيم، عن ابن عمرو.
قال: ما رأيت أحدا أسود من معاوية، قال قلت: ولا عمر؟ قال: كان عمر خيرا منه، وكان معاوية أسود منه. ورواه أبو سفيان الحيري، عن العوام بن حوشب به. وقال: ما رأيت أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية، قيل ولا أبو بكر؟ قال: كان أبو بكر وعمر وعثمان خيرا منه، وهو أسود. وروى من طريق عن ابن عمر مثله. وقال عبد الرزاق: عن معمر عن همام سمعت ابن عباس يقول: ما رأيت رجلا كان أخلق بالملك من معاوية، وقال حنبل بن إسحاق: