وروى الحافظ ابن عساكر أن عثمان لما عزم على أهل الدار في الانصراف ولم يبق عنده سوى أهله تسوروا عليه الدار وأحرقوا الباب ودخلوا عليه، وليس فيهم أحد من الصحابة ولا أبنائهم، إلا محمد بن أبي بكر، وسبقه بعضهم، فضربوه حتى غشي عليه وصاح النسوة فانزعروا وخرجوا ودخل محمد بن أبي بكر وهو يظن أنه قد قتل، فلما رآه قد أفاق قال: على أي دين أنت يا نعثل؟
قال: على دين الاسلام، ولست بنعثل ولكني أمير المؤمنين، فقال: غيرت كتاب الله، فقال:
كتاب الله بيني وبينكم، فتقدم إليه وأخذ بلحيته وقال: إنا لا يقبل منا يوم القيامة أن نقول:
* (ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا) * وشطحه بيده من البيت إلى باب الدار، وهو يقول: يا بن أخي ما كان أبوك ليأخذ بلحيتي. وجاء رجل من كندة من أهل مصر، يلقب حمارا، ويكنى بأبي رومان. وقال قتادة: اسمه رومان، وقال غيره: كان أزرق أشقر، وقيل كان اسمه سودان بن رومان المرادي. وعن ابن عمر قال: كان اسم الذي قتل عثمان أسود بن حمران ضربه بحربة وبيده السيف صلتا قال ثم جاء فضربه به في صدره حتى أقعصه، ثم وضع ذباب السيف في بطنه واتكى عليه وتحامل حتى قتله، وقامت نائلة دونه فقطع السيف أصابعها رضي الله عنها، ويروى أن محمد بن أبي بكر طعنه بمشاقص في أذنه حتى دخلت في حلقه.
والصحيح أن الذي فعل ذلك غيره، وأنه استحى ورجع حين قال له عثمان: لقد أخذت بلحية كان أبوك يكرمها. فتذمم من ذلك وغطى وجهه ورجع وحاجز دونه فلم يفد وكان أمر الله قدرا مقدورا، وكان ذلك في الكتاب مسطورا.
وروى ابن عساكر عن ابن عون أن كنانة بن بشر ضرب جبينه ومقدم رأسه بعمود حديد فخر لجنبيه (1)، وضربه سودان بن حمران المرادي بعدما خر لجنبه فقتله، وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمان فجلس على صدره، وبه رمق، فطعنه تسع طعنات، وقال: أما ثلاث منهن فلله، وست لما كان في صدري عليه.
وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة البغدادي، وإسحاق بن داود الصواف التستري قالا: ثنا محمد بن خالد بن خداش، ثنا مسلم بن قتيبة، ثنا مبارك عن الحسن. قال:
" حدثني سياف عثمان أن رجلا من الأنصار دخل على عثمان فقال: ارجع يا بن أخي فلست بقاتلي، قال: وكيف علمت ذلك؟ قال: لأنه أتى بك النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعك فحنكك ودعا لك بالبركة. ثم دخل عليه رجل آخر من الأنصار فقال له مثل ذلك سواء. ثم دخل محمد بن أبي بكر فقال: أنت قاتلي. قال: وما يدريك يا نعثل؟ قال: لأنه أتى بك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم سابعك ليحنكك ويدعو لك بالبركة، فخريت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فوثب على صدره وقبض على لحيته، ووجأه بمشاقص كانت في يده ". هذا حديث غريب جدا وفيه نكارة. وثبت من غير وجه