الهرمزان، فاستحوذ المسلمون على السوس، وهو بلد قديم العمارة في الأرض يقال إنه أول بلد وضع على وجه الأرض. والله أعلم. وذكر ابن جرير أنهم وجدوا قبر دانيال بالسوس، وأن أبا موسى لما قدم بها بعد مضي أبي سبرة إلى جندي سابور، كتب إلى عمر في أمره فكتب إليه أن يدفنه وأن يغيب عن الناس موضع قبره، ففعل (1). وقد بسطنا ذلك في سيرة عمر ولله الحمد.
قال ابن جرير: وقال بعضهم أن فتح السوس ورامهز وتسيير الهرمزان من تستر إلى عمر في سنة عشرين والله أعلم. وكان الكتاب العمري قد ورد بأن النعمان بن مقرن يذهب إلى أهل نهاوند فسار إليها فمر بماه - بلدة كبيرة قبلها - فافتتحها ثم ذهب إلى نهاوند ففتحها. ولله الحمد.
قلت: المشهور أن فتح نهاوند إنما وقع في سنة إحدى وعشرين كما سيأتي فيها بيان ذلك، وهي وقعة عظيمة وفتح كبير، وخبر غريب ونبأ عجيب، وفتح زر بن عبد الله الفقيمي مدينة جندي سابور (2) فاستوثقت تلك البلاد للمسلمين. هذا وقد تحول يزدجرد من بلد إلى بلد، حتى انتهى أمره إلى الإقامة بأصبهان، وقد كان صرف طائفة من أشراف أصحابه قريبا من ثلاثمائة من العظماء عليهم رجل يقال له سياه، فكانوا يفرون من المسلمين من بلد إلى بلد حتى فتح المسلمون تستر واصطخر، فقال سياه لأصحابه: إن هؤلاء بعد الشقاء والذلة ملكوا أماكن الملوك الأقدمين، ولا يلقون جندا إلا كسروه، والله ما هذا عن باطل. - ودخل في قلبه الاسلام وعظمته - فقالوا له: نحن تبع لك. وبعث عمار بن ياسر في غضون ذلك يدعوهم إلى الله، فأرسلوا إلى أبي موسى الأشعري بإسلامهم، وكتب فيهم إلى عمر في ذلك، فأمره أن يفرض لهم في ألفين ألفين، وفرض لستة منهم في ألفين وخمسمائة، وحسن إسلامهم، وكان لهم نكاية عظيمة في قتال قومهم حتى بلغ من أمرهم أنهم حاصروا حصنا فامتنع عليهم فجاء أحدهم فرمى بنفسه في الليل على باب الحصن وضمخ ثيابه بدم، فلما نظروا إليه حسبوا أنه منهم، ففتحوا إليه باب الحصن ليأووه فثار إلى البواب فقتله، وجاء بقية أصحابه ففتحوا ذلك الحصن، وقتلوا من فيه من المجوس. إلى غير ذلك من الأمور العجيبة والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وذكر ابن جرير أن عمر بن الخطاب عقد الألوية والرايات الكبيرة في بلاد خراسان والعراق لغزو فارس والتوسع في بلادهم كما أشار عليه بذلك الأحنف بن قيس، فحصل بسبب ذلك فتوحات كثيرة في السنة المستقبلة بعدها كما سنبينه وننبه عليه ولله الحمد والمنة.