من المسلمين أصابوا الشراب، منهم ضرار وأبو جندل بن سهل، فسألناهم فقالوا: خيرنا فاخترنا. قال فهل أنتم منتهون؟ ولم يعزم. فجمع عمر الناس فأجمعوا على خلافهم، وأن المعنى: فهل أنتم منتهون أي انتهوا. وأجمعوا على جلدهم ثمانين ثمانين. وأن من تأول هذا التأويل وأصر عليه يقتل. فكتب عمر إلى أبي عبيدة أن ادعهم فسلهم عن الخمر، فإن قالوا هي حلال فاقتلهم، وإن قالوا: هي حرام فاجلدهم. فاعترف القوم بتحريمها، فجلدوا الحد وندموا على ما كان منهم من اللجاجة فيما تأولوه، حتى وسوس أبو جندل في نفسه، فكتب أبو عبيدة إلى عمر في ذلك، وسأله أن يكتب إلى أبي جندل ويذكره، فكتب إليه عمر بن الخطاب في ذلك، من عمر إلى أبي جندل، إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فتب وارفع رأسك وابرز ولا تقنط فإن الله تعالى يقول * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) * [الزمر: 53] وكتب عمر إلى الناس: إن عليكم أنفسكم ومن غير فغيروا عليه، ولا تعيروا أحدا فيفشو فيكم البلاء، وقد قال أبو الزهراء القشيري في ذلك.
ألم تر أن الدهر يعثر بالفتى * وليس على صرف المنون بقادر صبرت ولم أجزع وقد مات إخوتي * ولست عن الصهباء يوما بصابر (1) رماها أمير المؤمنين بحتفها * فخلانها يبكون حول المقاصر قال الواقدي وغيره: وفي هذه السنة في ذي الحجة منها حول عمر المقام - وكان ملصقا بجدار الكعبة - فأخره إلى حيث هو الآن لئلا يشوش المصلون عنده على الطائفين. قلت: قد ذكرت أسانيد ذلك في سيرة عمر ولله الحمد والمنة. قال: وفيها استقضى عمر شريحا على الكوفة، وكعب بن سور على البصرة. قال وفيها حج عمر بالناس وكانت نوابه فيها الذين تقدم ذكرهم في السنة الماضية، وفيها فتحت الرقة والرها وحران على يدي عياض بن غنم. قال: وفتحت رأس عين الوردة على يدي عمر (2) بن سعد بن أبي وقاص. وقال غيره خلاف ذلك. وقال شيخنا الحافظ الذهبي في تاريخه: وفيها - يعني هذه السنة - افتتح أبو موسى الأشعري الرها وشمشاط عنوة، وفي أوائلها وجه أبو عبيدة عياض بن غنم إلى الجزيرة فوافق أبا موسى فافتتحها حران ونصيبين وطائفة من الجزيرة عنوة، وقيل صلحا. وفيها سار عياض إلى الموصل فافتتحها وما حولها عنوة. وفيها بنى سعد جامع الكوفة. وقال الواقدي: وفيها كان طاعون عمواس فمات فيه خمسة وعشرون ألفا. قلت: هذا الطاعون منسوب إلى بلدة صغيرة يقال لها عمواس - وهي بين القدس والرملة - لأنها كان أول ما نجم الداء بها، ثم انتشر في الشام منها فنسب إليها، فإنا لله وإنا إليه راجعون. قال الواقدي توفي: في