عدي قال: بل إياكم ذم الله ولعن! ثم قام وقال: أنا أشهد أن من تذمون أحق بالفضل ومن تزكون أولي بالذم فيقول له المغيرة يا حجر اتق هذا السلطان وغضبه وسطوته فإن غضب السلطان يهلك أمثالك ثم يكف عنه ويصفح.
فلما كان آخر إمارته قال في علي وعثمان ما كان يقول له فقام حجر فصاح صيحة بالمغيرة سمعها كل من بالمسجد وخارجا منه وقال له: مر لنا أيها الإنسان بأرزاقنا فقد حبستها عنا وليس ذلك لك وقد أصبحت مولعا بذم أمير المؤمنين. فقام أكثر من ثلثي الناس يقولون صدق حجر وبر مر لنا بأرزاقنا فإن ما أنت عليه لا يجدي علينا نفعا وأكثروا من هذا القول وأمثاله فنزل المغيرة فاستأذن عليه قومه ودخلوا وقالوا علام تترك هذا الرجل يجترئ عليك في سلطانك ويقول لك هذه المقالة فيوهن سلطانك ويسخط عليك أمير المؤمنين معاوية؟ فقال لهم المغيرة: إني قد قتلته سيأتي من بعدي أمير يحبسه مثلي فيصنع به ما ترونه يصنع بي فيأخذه ويقتله! إني قد قرب أجلي ولا أحب أن أقتل خيار أهل هذا المصر فيسعدوا وأشقى ويعز في الدنيا معاوية ويشقى في الآخرة المغيرة.
ثم توفي المغيرة وولى زياد فقام في الناس فخطبهم عند قدومه ثم ترحم علي عثمان وأثني علي أصحابه ولعن قاتليه. فقام حجر ففعل كما كان يفعل بالمغيرة ورجع زياد إلى البصرة واستخلف علي الكوفة عمرو بن حريث فبلغه أن حجرا يجتمع إليه شيعة علي ويظهرون لعن معاوية والبراءة منه وأنهم حصبوا عمرو بن حريث، فشخص زياد إلى الكوفة حتى دخلها فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه وحجر جالس في المسجد ثم قال: أما بعد فإن غب البغي