وأن يسأل فيه فطال عليه ذلك فقال شعرا منه:
(أتنسى بلائي سادرا يا بن حاتم * عشية ما أغنت عديك حذمرا) (فدافعت عنك القوم حتى تخاذلوا * وكنت أنا الخصم الألد العذورا) (فولوا وما قاموا مقامي كأنما * رأوني ليثا بالأباءة مخدرا) (نصرتك إذ خام القريب وأبعد ال * بعيد وقد أفردت نصرا مؤزرا) (فكان جزائي أن أجرر بينكم * سحيبا وأن أولي الهوان وأوسرا) (وكم عدة لي منك أنك راجعي * فلم تغن بالميعاد عني حبترا) وسترد قصته بتمامها إن شاء الله تعالى.
فلما انسلخ المحرم أمر علي مناديا فنادى يا أهل الشام يقول لكم أمير المؤمنين قد استدمتكم لتراجعوا الحق وتنيبوا إليه فلم تنتهوا عن طغيانكم ولم تجيبوا إلى الحق وإني قد نبذت إليكم علي سواء إن الله لا يحب الخائنين!
فاجتمع أهل الشام إلى أمرائهم ورؤسائهم وخرج معاوية وعمر يكتبان الكتائب ويعبينان الناس وكذلك فعل أمير المؤمنين وقال للناس لا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم فأنتم بحمد الله علي حجة وترككم قتالهم حجة أخرى فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا علي جريح ولا تكشفوا عورة ولا تمثلوا بقتيل وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سرا ولا تدخلوا دارا ولا تأخذوا شيئا من أموالهم ولا تهيجوا امرأة وإن شتمن أعراضكم وسبين أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف القوي والأنفس وكان يقول بهذا المعني