علي شاطئ الفرات مما يلي البر فلما بلغا عانات بلغهما أن معاوية قد أقبل في جنود الشام فقالا لا والله ما هذا لنا برأي نسير وبيننا وبين المسلمين وأمير المؤمنين هذا البحر وما لنا خير في أن نلقي جنود الشام بقلة من معنا فذهبوا ليعبروا من عانات فمنعهم أهلها فرجعوا فعبروا من هيت فلحقوا عليا دون قرقيسيا فلما لحقوا عليا قال مقدمتي تأتيني من ورائي فأخبره شريح وزياد بما كان فقال سددتما فلما عبر الفرات سيرهما أمامه فلما انتهيا إلى سور الروم لقيهما أبو الأعور السلمي في جند من أهل الشام فأرسلا إلى علي فأعلماه فأرسل علي إلى الأشتر وأمره بالسرعة وقال له. إذا قدمت فأنت عليهم وإياك أن تبدأ القوم بقتال إلا أن يبدؤك حتى تلقاهم فتدعوهم وتسمع منهم ولا يحملك بغضهم علي قتالهم قبل دعائهم والإعذار إليهم مرة بعد مرة واجعل علي ميمنتك زيادا وعلي ميسرتك شريحا ولا تدن منهم دنو من يريد أن ينشب الحرب ولا تباعد منهم تباعد من يهاب البأس حتى اقدم عليك فإني حثيث المسير في أثرك إن شاء الله تعالى. وكتب علي إلى شريح وزياد بذلك وأمرهما بطاعة الأشتر.
فسار الأشتر حتى [إذا] قدم عليهم واتبع ما أمره وكف عن القتال ولم يزالوا متوافقين حتى كان عند المساء حمل عليهم أبو الأعور السلمي فثبتوا له واضطربوا ساعة ثم أنصرف أهل الشام وخرج إليهم من الغد هاشم بن عتبة المرقال وخرج إليه أبو الأعور فاقتتلوا يومهم وصبر بعضهم علي لبعض ثم انصرفوا وحمل عليهم الأشتر وقال أروني أبا الأعور وتراجعوا ووقف أبو الأعور وراء المكان الذي كان فيه أول مرة وجاء الأشتر فصف أصحابه بمكان أبي الأعور بالأمس فقال الأشتر لسنان بن مالك النخعي انطلق إلى أبي الأعور فادعه إلى البراز فقال إلى مبارزتي أو مبارزتك؟ فقال الأشتر: