الساعة إلا لأمر حدث، فلما دخل جلس على السرير وقال: أخرج من عندك. قال: يا رسول الله إنما هما ابنتاي وما ذاك؟
قال: إن الله قد أذن لي في الخروج، فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله! قال: الصحبة، فبكى أبو بكر من الفرح فاستأجرا عبد الله بن أريقط من بني الديل بن بكر وكان مشركا يدلهما على الطريق، ولم يعلم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أبي بكر وعلي وآل أبي بكر فأما علي فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخلف عنه حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده ثم يلحقه.
وخرجا من خوخة في بيت أبي بكر في ظهر بيته ثم عمدا إلى غار بثور فدخلاه وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يتسمع لهما بمكة نهاره ثم يأتيهما ليلا وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يأتيهما بها ليلا، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بطعامهما مساء فأقاما في الغار ثلاثا.
وجعلت قريش مائة ناقة لمن رده عليهم.
وكان عبد الله بن أبي بكر إذا غدا من عندهما أتبع [عامر بن فهيرة] أثره بالغنم حتى يعفي أثره، فلما مضت الثلاث وسكن الناس أتاهما دليلهما ببعيريهما فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما بالثمن فركبه وأتتهما أسماء بنت أبي بكر بسفرتهما ونسيت أن تجعل لهما عصاما فحلت نطاقها فجعلته عصاما وعلقت السفرة به وكان يقال لأسماء ذات النطاقين لذلك.
ثم ركبا وسارا وأردف أبو بكر مولاه عامر بن فهيرة يخدمهما في الطريق فساروا ليلتهم ومن الغد إلى الظهر ورأوا صخرة طويلة فسوي أبو بكر عندها مكانا ليقيل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليستظل بظلها فنام