ابتعتهما بأربعين درهما. فقال عمر: أغليت بهما فتصدق بهما فإني أكره أن آكل إسرافا. وقال: كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يصبني ما أصابهم!
وكتب عمر إلى أمراء الأمصار يستغيثهم لأهل المدينة ومن حولها ويستمدهم، فكان أول من قدم عليه أبو عبيدة بن الجراح بأربعة آلاف راحلة من طعام فولاه قسمتها فيمن حول المدينة فقسمها وانصرف إلى عمله، وتتابع الناس، استغنى أهل الحجاز، وأصلح عمرو بن العاص بحر القلزم، وأرسل فيه الطعام إلى المدينة فصار الطعام بالمدينة كسعر مصر، ولم ير أهل المدينة بعد الرمادة مثلها حتى حبس عنهم البحر مع مقتل عثمان فذلوا وتقاصروا، وكان الناس بذلك وعمر كالمحصور عن أهل الأمصار.
فقال أهل بيت من مزينة لصاحبهم وهو بلال بن الحارث: قد هلكنا، فاذبح لنا شاة. قال: ليس فيهن شيء فلم يزالوا به حتى ذبح فسلخ عن عظم أحمر فادي: يا محمداه. فأرى في المنام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فقال: أبشر بالحياة ائت عمر فأقرئه مني السلام وقل له: إني عهدتك وأنت وفي العهد، شديد العقد فالكيس الكيس يا عمر.
فجاء حتى أتن باب عمر فقال لغلامه: استأذن لرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى عمر فأخبره، ففزع وقال: رأيت به مسا قال لا: فأدخله وأخبره الخبر، فخرج فنادي في الناس وصد المنبر فقال: نشدتكم الله الذي هداكم هل رأيتم [مني] شيئا تكرهون؟ قالوا: اللهم لا، ولم ذاك؟ فأخبرهم،