فتفرقوا وهم يقولون: لقد رمتكم العرب برجلهم. وبلغ عمر ذلك فقال: والله إن حربه لمنية، مالها سطوة ولا سورة كسورات الحروب من غيره.
ثم ان عمرا سار إلى الإسكندرية وكان من بين الإسكندرية والفسطاط من الروم والقبط قد تجمعوا له وقالوا: نغزوه قبل أن يغزونا ويروم الإسكندرية فالتقوا واقتتلوا فهزمهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وسار حتى بلغ الإسكندرية، فوجد أهلها معدين لقتاله، فأرسل المقوقس إلى عمرو يسأله الهدنة إلى مدة فلم يجبه إلى ذلك، وقال: لقد لقينا ملككم الأكبر هرقل، فكان منه ما بلغكم، فقال المقوقس لأصحابه: صدق، فنحن أولى. بالإذعان. فأغلظوا له في القول، وامتنعوا، فقاتلهم المسلمون وحصروهم ثلاثة أشهر، وفتحها عمرو عنوة، وغنم ما فيها وجعلهم ذمة.
وقيل: إن المقوقس صالح عمرا على اثني عشر ألف دينار على أن يخرج من الإسكندرية من أراد الخروج ويقيم من أراد القيام، وجعل فيها عمرو جندات ولما فتحت مصر غزوا النوبة فرجع المسلمون بالجراحات وذهاب الحدق لجودة رميهم فسموهم رماة الحدق.
فلما ولي عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر أيام عثمان صالحهم على هدية عدة رؤوس في كل سنة ويهدي إليهم المسلمون كل سنة طعاما مسمى وكسوة، وأمضى ذلك الصلح عثمان ومن بعده من ولاة الأمور.
وقيل: إن المسلمين لما انتهوا إلى بلهيب، وقد بلغت سباياهم إلى اليمن أرسل صاحبهم إلى عمرو: إنني كنت اخرج الجزية إلى من هو أبغض إلي منكم فارس والروم فإن أحببت الجزية على أن ترد ما سبيتم من أرضي