بأهله، فبعث جابان إلى فرات بادقلى، وبعث نرسي إلى كسكر ووعدهم يوما، وبعث جندا لمصادمة المثنى، وبلغ المثنى الخبر فحذر، وعجل جابان ونزل النمارق وثاروا وتوالوا على الخروج، وخرج أهل الرساتيق من أعلى الفرات إلى أسفله، وخرج المثنى من الحيرة فنزل خفان لئلا يؤتى من خلفه بشيء يكرهه، وأقام حتى قدم عليه أبو عبيد، فلما قدم لبث أياما يستريح هو وأصحابه واجتمع إلى جابان بشر كثير فنزل النمارق، وسار إليه أبو عبيد فجعل المثنى على الخيل، وكان على مجنبتي جابان جشنس ماه، ومردانشاه فاقتتلوا بالنمارق قتالا شديدا فهزم الله أهل فارس وأسر جابان أسره مطر بن فضة التيمي، وأسر مردانشاه أسره أكتل بن شماخ العكلي فقتله.
وأما جابان فإنه خدع مطرا وقال له: هل لك أن تؤمنني وأعطيك غلامين أمردين خفيفين في عملك. وكذا وكذا؟ ففعل فخلا عنه فأخذه المسلمون وأتوا به أبا عبيد وأخبروه أنه جابان وأشاروا عليه بقتله فقال: إني أخاف الله أن أقتله وقد أمنه رجل مسلم والمسلمون كالجسد الواحد ما لزم بعضهم فقد لزم كلهم [فقالوا له: إنه الملك. قال: وإن كان لا أغدر. فتركه]، وتركوه، وأرسل في طلب المنهزمين حتى أدخلوهم عسكر نرسي وقتلوا منهم.
(أكتل بفتح الهمزة وسكون الكاف وفتح التاء المثناة باثنتين من فوقها وفي آخره لام).