فلما كتب العهد أمر به أن يقرأ على الناس، فجمعهم، وأرسل الكتاب مع مولى له، ومعه عمر. فكان عمر يقول للناس: أنصتوا وأسمعوا لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يألكم نصحا. فسكن الناس، فلما قرىء عليهم الكتاب سمعوا وأطاعوا، وكان أبو بكر أشرف على الناس وقال: (أترضون بمن استخلفت عليكم؟ فإني ما استخلفت عليكم ذا قرابة، وإني قد استخلفت عليكم عمر فاسمعوا له وأطيعوا، فإني والله ما آلوت من جهد الرأي. فقالوا: سمعنا وأطعنا. ثم أحضر أبو بكر عمر فقال له: إني قد استخلفتك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأوصاه بتقوى الله، ثم قال:
يا عمر إن لله حقا بالليل ولا يقبله في النهار وحقا في النهار لا يقبله بالليل، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدي الفريضة، ألم تر يا عمر إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق وثقله عليهم؟ وحق لميزان لا يوضع [فيه] غدا إلا حق أن يكون ثقيلا. ألم تر يا عمر إنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل؟ وخفته عليهم؟ وحق لميزان أن لا يوضع فيه إلا باطل أن يكون خفيفا. ألم تريا عمر، إنما نزلت آية الرخاء مع آية الشدة وآية الشدة مع آية الرخاء ليكون المؤمن راغبا راهبا لا يرغب رغبة يتمنى فيها على الله ما ليس له، ولا يرهب رهبة يلقى فيها بيديه. ألم تر يا عمر إنما ذكر الله أهل النار بأسوء أعمالهم فإذا ذكرتهم قلت: إني لأرجو أن لا أكون منهم؟ وإنه إنما ذكر أهل الجنة بأحسن