الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد)، إني قد كنت نحلتك حائط كذا، وفي نفسي منه شيء فرديه على الميراث.
فردته، فقال: إنما هما أخواك وأختاك. قالت: من الثانية! إنما هي أسماء. قال: ذات بطن بنت خارجة، يعني زوجته، وكانت حاملا فولدت أم كلثوم بعد موته. وقال لها: أما أنا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارا ولا درهما، ولكنا قد أكلنا من جريش طعامهم، ولبسنا من خشن ثيابهم، وليس عندنا من فيء المسلمين إلا هذا العبد، وهذا البعير؛ وهذه القطيفة فإذا مت فابعثي بالجميع إلى عمر. فلما مات بعثته إلى عمر، فلما رآه بكى حتى سالت دموعه إلى الأرض وجعل يقول:
رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده محرر ذلك وأمر برفعه. فقال عبد الرحمن بن عوف: (سبحان الله تسلب عيال أبي بكر عبدا وناضحا وسحق قطيفة ثمنها خمسة دراهم! فلو أمرت يردها عليهم. فقال: لا والذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم لا يكون هذا في ولايتي ولا يخرج أبو بكر منه وأتقلده أنا. وأمر أبو بكر أن يرد جميع ما أخذ من بيت المال لنفقته بعد وفاته.
وقيل: إن زوجته اشتهت حلوا. فقال: ليس لنا ما نشتري به. فقالت: أنا استفضل من نفقتنا في عدة أيام ما نشتري به. قال: افعلي. ففعلت ذلك فاجتمع لها في أيام كثيرة شيء يسير، فلما عرفته ذلك ليشتري به حلوا أخذه فرده إلى بيت المال، وقال: هذا يفضل عن قوتنا، وأسقط من نفقته بمقدار ما نقصت كل يوم وغرمه لبيت المال من ملك كان له.
هذا والله هو التقوى الذي لا مزيد عليه، وبحق قدمه الناس رضي الله عنه وأرضاه.