إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود؟ فقال المسلمون: صحبكم الله وردكم إلينا سالمين. فقال عبد الله:
لكنني أسال الرحمن مغفرة * وضربة ذات فرع تقذف الزبدا أو طعنة بيدي حران مجهزة * بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقولوا إذا مروا على جدثي * يا أرشد الله من غاز وقد رشدا فلما ودعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاد قال عبد الله:
خلف السلام على امرئ ودعته * في النخل خير مشيع وخليل ثم ساروا حتى نزلوا معان من أرض الشام، فبلغهم أن هرقل سار إليهم في مائة ألف من الروم، ومائة ألف من المستعربة، من لخم وجذام وبلقين، وبلى عليهم رجل من بلى، يقال له: مالك بن رافلة، ونزلوا مآب من أرض البلقاء، فأقام المسلمون بمعان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ نخبره الخبر، وننتظر أمره، فشجعهم عبد الله بن رواحة على المضي. وقال: يا قوم والله إن التي تكرهون للتي خرجتم إياها تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فما هي إلا إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة.
فقال الناس: صدق والله: وساروا وسمعه زيد بن أرقم. وكان يتيما في حجره وقد أردفه في مسيره ذلك على حقيبته - وهو يقول:
إذا أديتني وحملت رحلي * مسيرة أربع بعد الحساء