فشأنك فانعمي وخلاك ذم * ولا أرجع إلى أهلي وراء وجاء المسلمون وغادروني * بأرض الشام مشهور الثواء وردك كل ذي نسب قريب * من الرحمن منقطع الأخاء هنالك لا أبالي طلع بعل * ولا نخل أسافلها رواء فلما سمعها زيد بكى، فخفقه بالدرة وقال: ما عليك يا لكع؟ يرزقني الله الشهادة وترجع بين شعبتي الرحل؟ تم ساروا فالتقتهم جموع الروم والعرب بقرية من البلقاء، يقال لها: مشارف ثم دنى العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها ة مؤتة، فالتقى الناس عندها وتعبأوا، وكان على ميمنة المسلمين قطبة بن قتادة العذري، وعلى ميسرتهم عباية بن مالك الأنصاري. فاقتتلوا قتالا شديدا، فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم، ثم أخذها جعفر بن أبي طالب فقاتل [بها] وهو يقول:
يا حبذا الجنة واقترابها * طيبة وباردا شرابها والروم روم قد دنا عذابها، * علي إذ لاقيتها ضرابها فلما اشتد القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها، تم قاتل القوم حتى قتل، وكان جعفر أول من عقر فرسه في الإسلام، فوجدوا به بضعا وثمانين بين رمية وضربة وطعنة، فلما قتل أخذ الراية عبد الله بن رواحة، تم تقدم فتردد بعض التردد، تم قال يخاطب نفسه:
أقسمت يا نفس لتنزلنه * طائعة أولا لتكرهنه