مما يلي المغرب ظهورا بينا حتى أن مدينة في جزيرة من سواحل أفريقية يقال لها جربة بينها وبين البحر نحو ميل تخرج مواشيهم غدوا حين يجزر الماء وينضب فترعى ثم تروح عشيا قبل المد، وقول بعض أهل الشرائع إن المد والجزر من فعل ملك وكله الله عز وجل بذلك في أقاصي البحار، يضع رجله أو بعض أصابعه فيها فتمتلئ فيكون المد، ثم يرفعها فيرجع الماء إلى موضعه فهو الجزر. وقول من قال منهم إن ذلك لأمور استأثر الله بغيبها لم يطلع أحدا من خلقه عليها ليعتبروا بذلك ويستدلوا على وحدانيته وعجيب حكمته، وتنازع الأوائل في ذلك من فلاسفة الأمم وحكمائهم أهو من أفعال الشمس أم من أفعال القمر عند زيادة نوره فيكون منه المد؟ أم عند نقصانه فيكون الجزر؟ على حسب ما يظهر من أفعاله عند زيادته في أبدان الحيوان من الناطقين وغيرهم من القوة وغلبة السخونة والرطوبة والكون والنمو عليها، وأن الأخلاط التي تكون في أبدان الناس كالدم والبلغم وغيرهما عند ذلك تكون في ظاهر الأبدان والعروق ويزيد ظاهر البدن بلة ورطوبة وحسنا، وأن الأبدان عند نقصان نوره تكون أضعف والبرد عليها أغلب وتكون هذه الأخلاط في غور البدن والعروق ويزداد ظاهر البدن يبسا، وذلك ظاهر عند ذوي المعرفة والعلم بالطب، وما يظهر من أحوال الأمراض في زيادته ونقصانه وأن أبدان الذين يمرضون في أول الشهر تكون على دفع الأمراض والعلل أقوى وأبدان الذين يمرضون آخر الشهر تكون على دفع العلل أضعف وكذلك ما يعلم من دلالته في أنواع البحر ان في اليوم السابع من الأمراض والرابع عشر والحادي والعشرين والثامن والعشرين إذ كان القمر أربعة أشكال شكل التنصيف وشكل التمام وشكل التنصيف عن التمام وشكل المحاق فان لكل شكل من هذه سبعة أيام لأنه في سبعة أيام ينتصف وفى الرابع عشر يتم وفى الحادي والعشرين ينتصف وفى الثامن والعشرين يمتحق فكذلك
(٦٢)