والأمة السادسة: أجناس الهند والسند، وما اتصل بذلك، لغتهم واحدة، وملكهم واحد والأمة السابعة: الصين والسيلى، وما اتصل بذلك من مساكن ولد عامور ابن يافث بن نوح، ملكهم واحد، ولغتهم واحدة ثم كثر النسل، وتجيلت الأجيال، وتشعيت الشعوب والقبائل، وافترقت اللغات وتفرعت، وتجنست الأمم وتنوعت، وتباينوا في الآراء والعبادات والمساكن والمناسك فهذه الأمم السبع كانت متميزة بعضها من بعض. لكل أمة منها ملك على حياله قد جمعهم عبادة الأصنام، كل أمة منها يعظمون أصناما، جعلوها مثالا لآلهة غير الآلهة التي كان يجل مثلها غيرهم من الأمم، تمثيلا بما علا من الجواهر العلوية، والأجسام السمائية، التي هي الأشخاص الفلكية من السبعة: النيرين، وهما الشمس والقمر والخمسة وهي زحل والمشترى والمريخ والزهرة وعطارد وغيرها من ذوات التأثير في هذا العالم الأرضي.
وكانت شرائع كل أمة بحسب مناسكهم، وحسب الجهات التي منها معايشهم، وشيمهم الطبيعية التي فطروا عليها، ومن يجاورهم من سائر الأمم.
قال المسعودي: وقد ذكرنا في (كتاب الاستذكار، لما جرى في سالف الاعصار) الذي كتابنا هذا تال له ومبنى عليه - الاجتماعات السبعة المشهورة لحكماء هؤلاء الأمم السبع في سالف الدهر، اجتمع في كل مجمع منها سبعة حكماء في أعصار مختلفة، وأوقات متباينة عند حوادث وأحوال أوجبت اجتماعهم، فجرى لهم فنون من البحث والنظر، وضروب من الحكم والعبر، بما يحدث في الدهر من الغير، بتنقل الدول وتغير الملل، والكلام في العالم ما هو، وكيف هو، ولما هو، وما علته ومعلوله وظاهره وباطنه، وحقائقه واختراع الأجسام وانشائها،