بطائح إلى هذا الوقت مسيرة أيام وذلك بين واسط والبصرة واسمها في هذا الوقت في ديوان السلطان آجام البريد وأخراب جوخى وكانت أعمر السواد وأهلها المتقدمون على أهله وإضافة كورة حلوان إلى كورة الجبل وكانت تدعى شادفيروز وغير ذلك فصارت كور السواد عشر كور تحوي ثمانية وأربعين طسوجا ثم آل ذلك إلى نقص وخراب لبثوق انبثقت وجلاء وانتقال وجدب وجور وحيف من الأتراك والديلم الذين غلبوا على هذا الصقع إلى هذا الوقت وهو سنة 345 في خلافة المطيع، وقد وصف بعض أهل المعرفة سكان هذا الصقع الشريف وهو العراق فقال " هم هل العقول الصحيحة والشهوات المحمودة والشمائل الموزونة والبراعة في كل صناعة، مع اعتدال الأعضاء واستواء الأخلاط وسمرة الألوان وهي أعدلها وأقصدها، يستدل على اعتدال مزاج باطن أبدانهم بالذي يرى من السمرة الظاهرة في ألوانهم واعتدال أعضائهم أحسن الناس ألوانا ووجوها وأتمهم حلما وفهما فهم أهل العلم والخير، وذلك لامتزاج صقعهم من حر الجنوب وبرد الشمال وغلب عليهم المشترى لامتزاجه من برد فلك زحل وحرارة فلك المريخ فاعتدلوا فاجتمعت فيهم محاسن جميع الأقطار كما اعتدلوا في الجبلة كذلك لطفوا في الفطنة والتمسك بمحاسن الأمور، وكيف لا يكونون كذلك وهم أرباب الوافدين وأصحاب الرافدين من دجلة والفرات، والثمانية والأربعين طسوجا ". قال الفرزدق في هجاء ابن هبيرة:
أأطعمت العراق ورافديه * فزاريا أحذ يد القميص وقال بشار بن برد:
الرافدان توافي ماء بحرهما * إلى الأبلة شربا غير محظور وقال آخر هذان الواديان رائدان لأهل العراق لا يكذبان قال المسعودي والصقع الذي مدينة السلام منه أفضل مواضع الأرض جميعا