بين الكتب، فما كان يتفرغ لاخراجها، كان مشغولا بالعبادة، من أولياء الله.
قال أبو سعد السمعاني: هو الامام الورع التقي الناسك، العامل بعلمه، والقائم بحقه، صاحب الأحوال والمقامات، انتهت إليه تربية المريدين الصادقين، واجتمع في رباطه جماعة من المنقطعين إلى الله ما لا يتصور أن يكون في غيره من الربط مثلهم، وكان عمره على طريقة مرضية، وسداد واستقامة، سار من قريته إلى بغداد، وقصد الشيخ أبا إسحاق، فتفقه عليه، ولازمه مدة، حتى برع، وفاق أقرانه، خصوصا في علم النظر، كان أبو إسحاق يقدمه على عدة مع صغر سنه، لعلمه بحسن سيرته وزهده، ثم ترك كل ما كان فيه من المناظرة، واشتغل بالعبادة ودعوة الخلق وإرشاد الأصحاب، أخرج لنا أكثر من عشرين جزءا سمعناها، وقد قدم بغداد في سنة ست وخمس مئة، وظهر له قبول تام، ووعظ، وازدحموا عليه، ثم رجع، وسكن مرو، ثم سار إلى هراة، وأقام بها مدة، ثم رجع إلى مرو، ثم سار إلى هراة ثانيا (1)، فتوفي في الطريق بقرب بغشور (2)، سمعت صافي بن عبد الله الصوفي يقول: حضرت مجلس يوسف في النظامية، فقام ابن السقاء، فآذى الشيخ، وسأله عن مسألة، فقال: اجلس، إني أجد من كلامك رائحة الكفر، ولعلك تموت على غير الاسلام. فاتفق أن ابن السقاء