وأيس أهل دمشق، ووصل صاحب الموصل إلى حمص، فراسل أنر ملوك فرنج الساحل يقول: بأي عقل تساعدون الألمان علينا؟! وإن ملكوا أخذوا منكم السواحل، وأنا إذا عجزت سلمت دمشق إلى ابن زنكي، فلا تقومون به، فتخاذلوا، وبذل لهم بانياس، فخوفوا ملك الألمان من عساكر الشرق، فرد إلى بلاده، وهي وراء قسطنطينية.
وفيها ظهور الدولة الغورية، فقصد سوري بن حسين مدينة غزنة، واستولى عليها، فجرت بينه وبين بهرام شاه وقعة، فقتل سوري، فغضبت الغور لقتله، وحشدوا، فكان خروجهم في سنة سبع وأربعين وخمس مئة، والملك في بقاياهم إلى اليوم، وافتتحوا إقليم الهند (1).
واشتد بإفريقية القحط، لا بل كان القحط عاما، فقال المؤيد عماد الدين: فيها كان الغلاء العام من خراسان إلى العراق إلى الشام إلى بلاد المغرب (2).
وفي سنة 44 كسر نور الدين محمود صاحب حلب الفرنج، وقتل صاحب أنطاكية في ألف وخمس مئة منهم، وأسر مثلهم، ثم أخذ منهم حصن فامية. وكان جوسلين طاغية تل باشر (3) قد ألهب المسلمين بالغارات، واستولى على إلبيرة وبهسنا (4) ومرعش والراوندان وعين تاب وعزاز، فحاربه سلحدار (5) نور الدين، فأسره جوسلين، فدس نور الدين