اتفق وقوع أكثرها، فعظمت فتنة القوم به حتى قتلوا أبناءهم وإخوتهم لقسوتهم وغلظ طباعهم، وإقدامهم على الدماء، فبعث جيشا، وقال:
اقصدوا هؤلاء المارقين المبدلين الدين، فادعوهم إلى إماتة المنكر وإزالة البدع، والاقرار بالمهدي المعصوم، فإن أجابوا، فهم إخوانكم، وإلا فالسنة قد أباحت لكم قتالهم، فسار بهم عبد المؤمن يقصد مراكش، فالتقاه الزبير بن أمير المسلمين، فكلموهم بالدعوة، فردوا أقبح رد، ثم انهزمت المصامدة، وقتل منهم ملحمة، فلما بلغ الخبر ابن تومرت، قال: أنجى عبد المؤمن؟ قيل: نعم، قال: لم يفقد أحد، وهون عليهم، وقال: قتلاكم شهداء.
قال الأمير عزيز في " أخبار القيروان ": سمى ابن تومرت أصحابه بالموحدين، ومن خالفه بالمجسمين، واشتهر سنة خمس عشرة، وبايعته هرغة على أنه المهدي، فقصده الملثمون، فكسروا الملثمين، وحازوا الغنائم، ووثقت نفوسهم، وأتتهم أمداد القبائل، ووحدت هنتاتة، وهي من أقوى القبائل.
ثم قال عزيز: لهم تودد وأدب وبشاشة، ويلبسون الثياب القصيرة الرخيصة، ولا يخلون يوما من طراد ومثاقفة ونضال، وكان في القبائل مفسدون، فطلب ابن تومرت مشايخ القبائل ووعظهم، وقال: لا يصلح دينكم إلا بالنهي عن المنكر، فابحثوا عن كل مفسد، فانهوه، فإن لم ينته، فاكتبوا إلي أسماءهم، ففعلوا، ثم هدد ثانيا، فأخذ ما تكرر من الأسماء، فأفردها، ثم جمع القبائل، وحضهم على أن لا يغيب منهم أحد، ودفع تلك الأسماء إلى البشير، فتأملها، ثم عرضهم رجلا رجلا، فمن وجد اسمه، رده إلى الشمال، ومن لم يجده، بعثه