سعد بن أبي عمامة قال: كنت ليلة جالسا في بيتي، وقد نام الناس، فدق الباب، فإذا بفراش وخادم معه شمعة، فقال: بسم الله، فأدخلت على المستظهر، وعليه أثر غم، فأخذت في الحكايات والمواعظ وتصغير الدنيا، وهو لا يتغير، وأخذت في حكايات الكرام وغير ذلك، فقلت: هذا لا ينام، ولا يدعني أنام، فقلت: يا أمير المؤمنين، لي مسألة، قال: قل، قلت:
ولا تكتمني؟ قال: لا، قلت: بالله حل عليك نقدة للبائع، أو انكسر زورقك، أو وقعوا على قافلة لك، وضاق وقتك؟ عندي طبق خلاف أنا أقرضه لك، وتبقى بارزيا في الدروب وما يخلي الله من رزق، فهذا هم عظيم، وقد مرستني الليلة. فضحك حتى استلقى، وقال: قم، فعل الله بك وصنع، فقمت، وتبعني الخادم بدنانير وتخت ثياب.
قيل: إن ابن مقلد العواد غنى المستظهر، فسر، فأعطاه مئتي دينار، وقطعة كافور زنة ثلاثة أرطال مقمعة بذهب.
قال أبو طالب بن عبد السميع: كان من ألفاظ المستظهر:
خير ذخائر المرء لدنياه ذكر جميل، ولآخرته ثواب جزيل.
شح المرء بفلسه من دناءة نفسه.
الصبر على الشدائد ينتج الفوائد.
أدب السائل أنفع من الوسائل.
بضاعة العاقل لا تخسر، وربحها يظهر في المحشر.
وله نظم حسن.
قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: توفي المستظهر بالله سحر ليلة