وفي التوكل من " الاحياء " (1) ما نصه: وكل ما قسم الله بين عباده من رزق وأجل، وإيمان وكفر، فكله عدل محض، ليس في الامكان أصلا أحسن ولا أتم منه، ولو كان وادخره تعالى مع القدرة ولم يفعله، لكان بخلا وظلما.
قال أبو بكر بن العربي في " شرح الأسماء الحسنى ": قال شيخنا أبو حامد قولا عظيما انتقده عليه العلماء، فقال: وليس في قدرة الله أبدع من هذا العالم في الاتقان والحكمة، ولو كان في القدرة أبدع أو أحكم منه ولم يفعله، لكان ذلك منه قضاء للجود، وذلك محال. ثم قال: والجواب أنه باعد في اعتقاد عموم القدرة ونفي النهاية عن تقدير المقدورات المتعلقة بها، ولكن في تفاصيل هذا العالم المخلوق، لا في سواه، وهذا رأي فلسفي قصدت به الفلاسفة قلب الحقائق، ونسبت الاتقان إلى الحياة مثلا، والوجود إلى السمع والبصر، حتى لا يبقى في القلوب سبيل إلى الصواب، وأجمعت الأمة على خلاف هذا الاعتقاد، وقالت عن بكرة أبيها: إن المقدورات لا نهاية لها لكل مقدر الوجود، لا لكل حاصل الوجود، إذ القدرة صالحة، ثم قال: وهذه وهلة لا لعا لها (2)، ومزلة لا تماسك فيها، ونحن وإن كنا نقطة من بحره، فإنا لا نرد عليه إلا بقوله.
قلت: كذا فليكن الرد بأدب وسكينة.
ومما أخذ عليه قال: إن للقدر سرا نهينا عن إفشائه، فأي سر للقدر؟