لان هذا تسليم بطريق التمكين، فلا يتحقق بدون التمكن، وتمكنه من القبض لا يكون إلا بعد أن يقرب منه، فقبل ذلك وجود التخلية كعدمها.
2133 ولو أن المولى باع جميع الرمك التي في الحظيرة وخلى بينه وبينها، وهي لا تقدر على الخروج إلا بعد فتح الباب، ففتح الباب ليأخذ بعضها، فغلبته وخرجت من الحظيرة فالثمن لازم للمشترى، سواء كان يقدر على أخذها إذا دخل الحظيرة أو لا يقدر على ذلك.
لأنها كانت محرزة بالباب المسدود، وقد تناول البيع كلها، ثم صار المشترى بفتح الباب مستهلكا لها، واستهلاك المشترى للمعقود عليه بمنزلة القبض منه. ومن أصحابنا من يقول: هذا قول محمد رحمه الله. فإن فتح الباب عنده استهلاك بطريق المتسبب حتى قال: إذا فتح باب الاصطبل فندت الدابة من ساعتها فهو ضامن من قيمتها لما ذكرنا.
فأما على قول أبي حنيفة رحمه الله ينبغي أن لا يجب الثمن على المشترى. لأنه لا يجعل فتح الباب استهلاكا، وإنما يحيل بهلاك الدابة على الفعل الموجود منها، ولهذا لا يضمن به ملك الغير. والأصح أن هذا قولهم جميعا، لان أبا حنيفة رحمه الله يجعل فعله تسببا، ولكن في حكم الضمان يقول: قد طرأ على ذلك التسبب فعل معتبر. لان فعل الدابة يعتبر في إزالة السبب الموجب للضمان وإن كان لا يعتبر في إيجاب الضمان.
ألا ترى أن من ساق دابة في الطريق فجالت يمنة أو يسرة، والسائق ليس معها، فأصابت شيئا لم يكن السائق ضامنا لها؟ باعتبار ما أحدثت الدابة من السير باختيارها، لا على نهج سوق السائق. وإذا ثبت أن فتح الباب كان تسببا منه لاتلاف الدابة فقد تقرر عليه الثمن بحكم العقد، ثم فعل الدابة لا يصلح مزيلا لذلك فيبقى ضامنا للثمن.