فأجاب بأنه غاب للحكم والمصالح عن نظر الناس، ولا يعلم وقت ظهوره الا الله تعالى، ويدل عليه الحديث النبوي أنه صلى الله عليه وآله قال: مثل القائم من ولدي مثل الساعة، وقال الله تعالى في مقام ابهام الساعة ﴿يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل علمها عند ربي لا يجليها لوقتها الا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم الا بغتة﴾ (1).
ثم قال الملك: ما هو المعروف بين أكثر أهل السنة كيف يجوز أن يكون الانسان هذه المدة الكثيرة المتمادية حيا؟.
فأجاب الشيخ بأنه لا تعجب في ذلك، ألم تسمع حال المعمرين من السلف؟.
فقال: سمعت الا أنه غير معلوم الصحة والأثر.
فقال الشيخ: ان الله تعالى أخبر بأن شيخ المرسلين عمر في قومه ألف سنة الا خمسين عاما.
فقال الملك: ان هذا الخبر صحيح، ولكن الكلام انما هو في هذه الأزمنة وما ضارعها، بمعنى أن مثل هذا العمر الطويل في هذا الزمان غريب.
فقال: كل شئ احتمله المخبر الصادق فهو محتمل، وقال الرسول صلى الله عليه وآله: يكون في أمتي كلما يكون في الأمم السابقة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.
ولما كان الزمان محتملا لان يكون العمر طويلا ولان يجري السنة على هذا المنوال في هذه الأمة على سبيل الوجوب، فكان الأنسب أن يكون ذلك في أشهر أجناس بني آدم، ولم يكن جنس أشهر فيهم من صاحب الزمان عليه السلام، فيمكن أن يجري السنة المذكورة فيه.
فقال الملك: أنتم تقولون أنه غائب مستور، والحال أن إقامة الحدود والاحكام ورفع الظلم عن المظلوم من مناصب الامام، فنصبه لهذه الأحكام لازم، ومع غيبته فلابد من القول بعدم الحاجة إليه.