تقريره الأذهان والقلوب، وعالم تقشعر عند قوة تحريره فرائص الطالبين عجبا عن احكما تأديته عن المطلوب. غاص في تيار بحار العلوم فأخرج الفرائد، وخاض في عمار لجج الفنون فاستخرج الفوائد. روائع إفاداته زينت 1) صفائح الأنوار، ودرر كلماته 2) وشحت قلائد أعناق الأبرار.
إذا جلس للتعليم هش وجوه الناظرين لحسن دقائقه الرائقة، وإذا التفت لتنبيه الناظرين عما غفلوا عنه ابتهجوا لما يشاهدون من حقائقه الفائقة. شرح إشاراته لا يمكن إلا لمن شفاه الله من الجهالة فتنبه من الأصول إلى الفروع، وتنبيهات جمل مقاصده لا يتيسر الا لمن هداه الله من الضلالة فاستخرجها كاستخراج اللبن من الضروع.
مواقفه مقاصد للطالبين، مطالعه شوارق للمحصلين، ملخص كلامه تجريد عن الزوائد، محصل مرامه تنضيد للفوائد. جمال الصالحين 3) يرى من شيمة، وخصال الكاملين يبصر من كرمه.
كان رحمه الله عند وفاة والده لم يدرك رتبة من العلم ولم يبلغ درجة الفضل ولم يحسن لتلامذة والده أن يبقى على تلك الحال أو يكون تلميذا لأحد من الرجال، وأخذتهم الحمية في ذلك فقالوا: اجلس في مكان أبيك فانا نجئ إليك ونجلس حولك كما كنا نتدرس عند أبيك 4). فقال لهم: أنتم الفضلاء وأنا في رتبة لا يمكنني أن أدرسكم. فقالوا: اجلس مكانك وخذ الكتاب بيدك وتكلم فانا نلقى إليك ما