لك، وسأل إسحاق بن عمار فلم يجبه، فدخل إسحاق على أبي الحسن (عليه السلام) فسأله عن ذلك؟ إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج (1).
قلت: يستفاد من هذه الأخبار في حكم المضطر أن إدراكه للوقوف بالمشعر قبل الشمس يكفيه وان لم يقف بعرفة أصلا، وأن ادراكه للوقوف بعرفة ليلا من دون إدراك المشعر لا يجزيه، وبين حديثي الحلبي وحريز وخبر جميل وابن المغيرة اختلاف في حكم ادراكه للمشعر وحده قبل الزوال محوج إلى التأويل لضرورة الجمع، ولا ريب أنه دلالة الأولين على عدم الاجزاء أوضح وأقوى من دلالة الأخيرين على خلافه، فالمتجه صرف التأويل إلى هذين وذاك بالحمل على كونه قد أدرك عرفة وفي خبر ابن المغيرة إيماء إليه حيث قال: إني لم أدرك الناس بالموقفين ولم يطلق النفي كما وقع في خبر حريز بل ربما كان في التقييد بقوله جميعا بعد ذكر أدراك الناس دلالة على إدراك عرفة نهارا مع الناس، نظرا إلى ما تشهد به السليقة الصحيحة من تبادر انصراف النفي في مثل هذا التركيب إلى القيد دون المقيد، كما إذا قلت: لم أضربه إهانة ولم أعطه إكراما، فإن قضاء الذوق السليم فيه بتعلق النفي بالإهانة والاكرام دون الضرب والاعطاء ظاهر لا ينكر وواضح لا يدفع، فيفيد كون الضرب واقعا للاصلاح والتأديب وأن الاعطاء للتقية أو المداراة ونحوها، ويكون المعنى في الحديث حينئذ أنه لم يحصل له الوقوف مع الناس في كلا الموقفين فيدل على أن أصل الوقوف معهم متحقق ويعلم من الجواب أن الذي فاته مع الناس هو الوقوف بالمشعر، لاجمال الكلام في حكاية السؤال، وعلى كل حال فوجود القيد في كلام المنفى مظنة لتوجه النفي إليه فلا أقل من كونه محتملا لذلك، وللتعلق بالجميع على وجه ينافي كون