وكان موسى (عليه السلام) يقول: صلاة الصبح من يوم التروية، فقلت: جعلت فداك عامة مواليك يدخلون يوم التروية ويطوفون ويسعون، ثم يحرمون بالحج، فقال:
زوال الشمس، فذكرت له رواية عجلان أبى صالح، فقال: لا إذا زالت الشمس ذهبت المتعة فقلت: فهي على إحرامها أو تجدد إحرامها للحج؟ فقال: لا، هي على إحرامها، فقلت: فعليها هدي؟ قال: لا، إلا أن تحب أن تتطوع، ثم قال:
أما نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجة قبل أن نحرم فاتتنا المتعة (1).
قال الشيخ - بعد إيراده لهذه الأخبار وما في معناها وسيجئ منها جملة أخرى -: " الوجه في الجمع بينهما أن المتمتع تكون عمرته تامة ما أدرك الموقفين سواء كان ذلك يوم التروية أو ليلة عرفة أو يوم عرفة إلى بعد الزوال فإذا زالت الشمس من يوم عرفة فقد فاتت المتعة لأنه لا يمكنه أن يلحق الناس بعرفات، إلا أن مراتب الناس تتفاوت في الفضل والثواب، فمن أدرك يوم التروية عند زوال الشمس يكون ثوابه أكثر ومتعته أكمل ممن يلحق بالليل، ومن أدرك بالليل يكون ثوابه دون ذلك وفوق من يلحق يوم عرفة، قال: ومتى حملنا الأخبار على ما ذكرناه لم يكن قد دفعنا شيئا منها ".
ولا بأس بهذا الجمع ومرجعه إلى التخيير في الأوقات التي تضمنتها الأخبار بين العدول إلى الحج والبقاء على المتعة وإكمال أفعالها ما بقي في الوقت اتساع لادراك الوقوف بعرفات ومع تضيقه يتعين العدول، ويتراجع مع السعة من أول أوقات التخيير.
وأما رواية عجلان التي أشار إليها في الخبر الأخير فمضمونها أن الحائض لا تعدل مع التضيق، بل بين الصفا والمروة وتحرم بالحج، ثم تطوف للعمرة بعد أن تطهر، وطريقها ضعيف والخبر الصحيح صريح في نفيها فلا التفات إليها.