الثالث: أن تكون إحدى الروايتين عما خطره مع السكوت عنه أعظم من خطر المسكوت عنه في الرواية الأخرى، فما خطره أعظم يكون أرجح، لكون السكوت عنه أغلب على الظن في تقريره.
الرابع: أن تكون إحدى الروايتين عن صيغة النبي عليه السلام، والأخرى عن فعله، فرواية الصيغة تكون راجحة لقوة دلالتها وضعف الفعل. ولهذا أن من خالف في دلالة الفعل وجواز الاحتجاج به، لم يخالف في الصيغ، لان ما يفعله النبي عليه السلام، إلى الاختصاص به أقرب من اختصاصه بمدلول الصيغة، ولأن تطرق الغفلة إلى الانسان في فعله أكثر منها في كلامه، ولهذا قلما يتكلم الانسان غافلا، بخلاف الفعل.
الخامس: أن يكون أحدهما خبر واحد ورد فيما تعم به البلوى، بخلاف الآخر فما لا تعم به البلوى أولى، لكونه أبعد عن الكذب، من جهة أن تفرد الواحد بنقل ما تعم به البلوى مع توفر الدواعي على نقله قريب من الكذب، وذلك كمن تفرد بنقل قتل الملك في وسط السوق بمشهد من الخلق. ولهذا كان مختلفا فيه، ومتفقا على مقابله.
وأما ما يعود إلى المروي عنه، فترجيحات.
الأول: أن يكون أحد الراويين قد روى عمن أنكر روايته عنه، كما في حديث الزهري، بخلاف الراوي الآخر، فما لم يقع فيه إنكار المروي عنه يكون أرجح لكونه أغلب على الظن.
الثاني: أن يكون الأصل في أحد الخبرين قد أنكر رواية الفرع عنه إنكار نسيان ووقوف، والآخر إنكار تكذيب وجحود، فالأول أولى، لان غلبة الظن بالرواية عنه أكثر من غلبة الظن بالثاني.
وأما الترجيحات العائدة إلى المتن.