الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢١٦
أهل الأرض كلهم على نبوة مسيلمة - لعنه الله - ما حققها ذلك، وإذا أجمعوا على الكفر به ما زاد ذلك في قوله في البطلان على ما كان عليه حين نطقه به.
وإن قالوا: الخبر باطل قبل العمل به، فالباطل لا يحققه العمل له، ولا يزيد الله بالعمل بالباطل إلا ضلالا وخزيا، فثبت بالبرهان الضروري أن لا معنى للعمل، ولا ينبغي أن يلتفت إليه ولا يعبأ به، وقد أصفق أهل الأرض كلهم على العمل بشرائع الكفر قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم فما صححها ذلك.
قال علي: وهذه لفظة قذفها الشيطان في قلوبهم، وطرحها على ألسنتهم، وأيد ذلك الجهل والعصبية المردية، وبالله نستعيذ من البلاء وإياه نستعين على إدراك الصواب، وبالله تعالى التوفيق.
ثم نقول لهم: متى أثبت الله العمل بالخبر الصحيح، أقبل أن يعمل به، أم بعد أن يعمل به؟ فإن قالوا: قبل أن يعمل به، فهو قولنا، وإن قالوا: بعد أن يعمل به، لزمهم أن العاملين به هم الذين شرعوا تلك الشريعة، وهذا كفر من قائله، ولم يبق لهم إلا أن يقولوا: لما ترك العمل بالخبر علمنا أنه منسوخ وهذا هو باب الالهام الذي ادعته الروافض لا نفسها لأنه قول بلا برهان.
قال علي: وإنما هذا كله بعد أن يعرفوا عمل من يريدون، وأما وهم لا يدرون عمل من يعنون، فلسنا نحتاج أن نبلغ معهم ههنا، وقد حدثنا عبد الله بن ربيع، ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، ثنا أحمد بن خالد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا الحجاج بن المنهال، عن يزيد بن إبراهيم التستري، ثنا زريق - وكان عاملا لعمر بن عبد العزيز على أيلة - قال: كتبت إلى عمر بن عبد العزيز في عبد آبق سرق، وذكرت أن أهل الحجاز لا يقطعون العبد الآبق إذا سرق - قال: فكتب إلي: كتبت إلي في عبد آبق سرق، وذكرت أن أهل الحجاز لا يقطعون الآبق إذا سرق، وإن الله تعالى يقول: * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا) الآية، فإن كان قد سرق قدر ما يبلغ ربع دينار فاقطعه به. وبه إلى حجاج بن المنهال، ثنا الربيع بن صبيح قال: سألت نافعا مولى ابن عمر، أو سأله رجل وأنا شاهد على الرهن والقبيل في السلف
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258