بمعنى قولهم، وشرح كلامهم. وسنبين هذا بعد صدر من كلامنا في هذا الفصل إن شاء الله تعالى، وبالله التوفيق.
ويقال لمن قال: لا أقبل الخبر حتى يصحبه العمل، أللعمل أول أم لا أول له؟
فإن قال: لا أول له، جاهر بالكذب ولحق بالدهرية، وإن قال: له أول، قيل له، وبالله تعالى التوفيق: يجب على قولك أن ذلك العمل الأول باطل لا يجوز اتباعه، لأنه ابتدئ فيه بعمل بخبر لم يعمل به قبل ذلك، والخبر لا يجوز اتباعه حتى يعمل به، فهذا العمل قد وقع قبل أن يعمل بالخبر فهو باطل على حكمكم الفاسد المؤدي إلى الهذيان، وإلى ألا يصح عمل بخبر أبدا، وكفى سقوطا بقول أدى إلى ما لا يعقل، وكثير مما يقتحمون مثل هذا، كقولهم في معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وكقولهم في أن الركعة الثانية من صلاة من يقضي صلاة أدرك منها ركعة مع الامام، هي قبل الأولى، والثالثة قبل الثانية، وهذا كما ترى لا يعقل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا كان ما ذكروا من أنه لا يجوز أن يعمل بخبر حتى يعمل به قبل هذا العمل، وكان الخبر قد وجد وقتا من الدهر قبل أن يعمل له، فلا يجوز أن يصح العمل بخبر أبدا، وإذا كان ذلك فكل عمل بخبر من الاخبار فهو باطل، والباطل لا يصحح الحق، ولا يحقق الباطل، ولا يثبت به شئ.
ويقال لهم أيضا: أرأيتم الخبر المسند الصحيح قبل أن يعمل به، أحق هو أم باطل؟ ولا بد من أحد هذين، فإن قالوا: حق، فسواء عمل به أو لم يعمل به، ولولا يزيد الحق درجة في أنه حق أن يعمل به،، ولا يبطله أن يترك العمل به، أن أهل الأرض كلهم أصفقوا على معصية محمد صلى الله عليه وسلم ما كان ذلك مسقطا لوجوب طاعته، وقد فعلوا ذلك في أول مبعثه صلى الله عليه وسلم، فما كان ذلك مبطلا لصحة قوله، ولو آمن به جميع أهل الأرض وأطاعوه، ما زاد قوله عليه السلام منزلة في الصحة على ما كان عليه قبل أن يقبله أو يعمل به أحد من الناس، ونفسه ضر تارك العمل بالحق، ولم يضر الحق شيئا، وكذلك لو أصفق